الخميس , أبريل 25 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / مجتمع / نقطة تحول / عبد الصمد.. طفل فقد البصر والحركة وتوقف دماغه بسبب خطأ طبي

عبد الصمد.. طفل فقد البصر والحركة وتوقف دماغه بسبب خطأ طبي

الطفل عبد الصمد من حالته الأولى إلى معاناته الحالية

IMG_0782IMG_0783 IMG_0784   IMG_0270IMG_0268

قصة هذا الشهر ليست كالقصص، ربما تتشابه في بعض فصولها وتلتقي في نقطة واحدة وهي الخطأ الطبي.. هي قصة معاناة عائلة بأكملها وطبيب أخطأ في تشخيصه ولم يحسب لعواقب خطأه.. قصة هذا الشهر حكاية خطها القدر لطفل تجاوز السنتين بقليل، مرض كغيره من الأطفال لكن القدر كان بانتظاره.. مرت على الحادثة سنتان ونصف لكن نتيجتها للحين توقف كامل للدماغ وعمى وشلل عن الحركة وتناول الأكل عبر أنبوب لا يحتمله حتى الكبار..

 

طفل العائلة المحبوب

لم يفرح والدا عبد الصمد مطولا بابنهما، فككل أسرة تمنيا أن يكون طفلهما هو استثمار لمستقبلهما الدنيوي والأخروي، وأن يكون سندا لهما عند الكبر، لم يتصورا قط أنهما سيقفان مكتوفي الأيدي أمام حالة لم تكن في حسبانهما.. عملا المستحيل وطرقا كل أبواب المستشفيات وصرفا كل ما يملكان وحتى عائلة الأم ساعدت كثيرا في مصاريف تثقل الكاهل لكن قضاء الله قد نفذ..

الحرارة..

كان عبد الصمد طفلا ذا وجه مرح، يضحك ويلعب ويمرح كغيره من الأطفال الذين لا يعون عن الدنيا شيئا أو ماذا تخبئ لهم الأيام.. مرت الأيام والشهور وبلغ عبد الصمد ثلاث سنوات ونصف من عمره، لكن ذات يوم بينما يمرح كعادته ارتفعت حرارته، فتم نقله إلى طبيب نصحهم بأخذه على الفور إلى المستشفى لأن حالته خطيرة ويعاني من المينانجيت.. “عند نقله لابن رشد، يقول هشام خال عبد الصمد، تم إعطاؤه دواء، وقيل إن حالته مستقرة وهو لا يعاني من أعراض المينانجيت ثم عاد إلى بيته، لكن بعد مرور يومين تصاعدت الحرارة، فنقلناه على وجه السرعة إلى مستشفى الحي الحسني للأطفال، وهناك تم أخذ عينة من عموده الفقري حتى يتأكدوا إن كان يعاني من المينانجيت أم لا.. وهنا كانت المأساة”.

إهمال طبي وتشخيص خاطئ

عندما تم نقل عبد الصمد إلى المستشفى وبعد أخذ العينة، تم منحه علاجا خاطئا بناء على تشخيص خاطئ.. يشرح هشام بكل حسرة: “لقد عملنا بعد ذلك أنهم صرحوا لنا أن عبد الصمد يعاني من méningite virale  أو ما يعرف بالتهاب السحايا الفيروسي بينما كان يعاني من méningite tuberculose أو ما يعرف بالتهاب السحايا المرتبطة بداء السل.. وأمام هذا التشخيص الخاطئ بدأوا يعالجون المرض الخاطئ إلى أن وقع في غيبوبة، وحينها قيل لنا يجب أن يجري L’IRM  للأسف فمستشفى الحي الحسني لا يتوفر على ذلك”.

أجرت العائلة اتصالاتها، وتم نقل عبد الصمد على وجه السرعة إلى مستشفى الشيخ زايد بالرباط الذي يتوفر على كافة التقنيات.. ” تم عمل اللازم بالمستشفى، يقول هشام، ووجدوا أنه يعاني من التهاب السحايا TB، وأن حالته متدهورة جدا ويستحيل أن يعيش”.

معاناة حقيقية

ظل عبد الصمد على حاله بالمستشفى شهرا ونصف، إلى أن تم إخبار العائلة بإمكانية نقله للبيت لأنه سيظل على حاله.. “عندما أخرجناه من مستشفى الشيخ زايد، يقول هشام، حملناه مرة أخرى لمستشفى ابن رشد وقلنا لهم هذا هو الطفل الذي أتى إليكم وقلتم إنه لا يعاني من التهاب السحايا أو غيره”.. دخل عبد الصمد المستشفى ودخل في غيبوبة تامة فقد على إثرها بصره نهائيا.. ” عبد السمد بصير لا يرى، يقول هشام، يسمع قليلا..  لقد حاولنا أن نقدم له الأكل لكنه لا يتجاوب معنا.. فهو لا يحرك ساكنا، أطرافه لا تتحرك بل جسمه كله لا يتحرك.. تسمعه يتأثر، تحس به لكن هو لا يبدي أي تجاوب يذكر”.

تم نقل عبد الصمد إلى مركز النور لبداية عملية الترويض، لكن المركز مكلف جدا ويستعصي على كل من لا يتوفر على مال وفير.. “لقد أثقلت المصاريف كاهلنا، يضيف هشام، مما اضطررنا إلى نقله إلى البيت، هو الآن بمنزله يتغذى عبر أنابيب تدخل من أنفه وتقتحم بلعومه وتستقر بمعدته.. كل شيء يتم عصره حتى يمر عبر الأنبوب، إضافة إلى الحفاظات التي لا يستغني هنا وأحيانا كثيرة تؤدي إلى التهاب في مؤخرته.. حالته تصعب على الكافر كما نقول.. يعاني ونعاني جميعا معه لكن لا يسعنا إلا أن نقول الحمد والشكر لله”

محروم من اللعب والتعليم

أطفال في مثل عمر عبد الصمد يلعبون ويمرحون ويخربون، لكن هذا الأخير وبسبب عدم تركيز طبيبة أثناء تأدية واجبها جعلت طفلا يدفع ثمنا لم يقترفه.. ثمن حرمه من اللعب والتعليم والعيش كغيره من الأطفال.. “عندما عاد إلى بيته، يضيف هشام، بدأ يستعيد عافيته صحيا بفضل أدوية الفيتامينات التي يأخذها، لكن نفسيا أكيد ستكون نفسيته محطمة رغم أنه طفل صغير لا يبدي أي تفاعل معنا لكننا نشعر به وبألمه”.

ما تحتاجه الأسرة الآن

نحن نحتاج فقط إلى آلة نشتريها له لكي تحرك فقط أطرافه، يقول هشام، لو توفرت لدينا الإمكانيات أكثر لما بخلنا عليه وعالجناه بمركز النور. ف 25000 درهم في الشهر مبلغ كبير جدا.. والده عسكري، أنا أساعدهم، إخوتي، والدي لكن صراحة الكل تعب.. الطفل الآن طريح الفراش في البيت لا يحرك ساكنا، يأكل عن طريق الأنبوب وأحيانا يصاب بعصبية ولا يحتمل..

دق ناقوس الخطر

مستشفيات وأطباء بالمغرب ليسوا في المستوى اللائق ويجب التفكير مليا في النهوض بها.. ونصيحة للأطباء، نحن نعلم أنكم بشر والبشر خطاؤون، لكن نطلب منكم التركيز في الحالات التي تصل إليكم.. فالأخطاء الطبية ليت ناتجة عن ضعفكم أو درايتكم وتمكنكم من أداء واجبكم الإنساني لكنها نتيجة إرهاق عمل أو مشاكل شخصية أدت إلى ذلك.. لذلك نتوسل إليكم أن تركزوا في الحالات التي تعاينوها لأنكم ستحاسبون أمام الله في كل فعل اقترفتموه عن قصد أو بدون قصد.. فعملكم به أجر كبير والله لا يضيع أجر من أحسن عملا..

نداء إنساني

عبد الصمد يبلغ الآن خمس سنوات، لكن لا السنوات ولا أي شيء يحكم الآن.. الزمن توقف بالنسبة له، لا يبصر شيئا، يسمع قليلا، طفل حي ميت الحركة والأطراف.. حالة عبد الصمد يمكن أن يتعرض لها أي شخص بيننا، فكما يقول المثل المغربي “اللي خرج من الدنيا ما خرج من عقايبها”.. لكن الفطرة الإلهية جعلت بعضنا يتأثر لمشاكل الآخرين وبعضنا أيضا يسعى جاهدا لمساعدة المحتاجين.. ونحن بدورنا نتمنى أن تجد قصة عبد الصمد مكانتها في قلوبكم وأن تلبوا نداء إنسانيا لمساعدة هذا الطفل.. فأي شيء سنقدمه لن يرجع إليه بصره، لكن بإمكاننا أن نعيد إليه حركته فكل شيء يستحيل على العبد يهينه رب العباد.. حتى دعواتكم له في ظهر الغيب تساهم في التخفيف عليه، فدعوات الغيب مستجابة..

والله لا يضيع أجر المحسنين..

عن منال شوقي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إلى الأعلى