لملل حالة مزاجية طارئة يمر بها أي زوجين من وقت إلى آخر.. قد يكون هذا الملل ناتجا عن صعوبات الحياة أو الروتين اليومي المتكرر أو الضغوط والمسؤوليات التي تقع على عاتق كل منهما… في أغلب الأحيان يتغلب الزوجان على هذا المشكل الذي يؤرق حياتهما الزوجية، لكنه قد يتحول إلى سم قاتل ينهي ارتباطهما إن لم يستطيعا علاجه..
«أسرة مغربية» حاولت طرح موضوع الملل الزوجي للنقاش فكانت هذه بعض آراء الأزواج في الموضوع…
تشير بعض الدراسات في مجال علم النفس الأسري والعلاج النفسي الزوجي أن 68% من الخلافات بين الأزواج والصراعات الأسرية سببها الأساس الملل الزوجي.. ويعزو الباحثون سبب المشكل إلى عدة أمور أهمها مشاكل الحياة اليومية خاصة إن كان الزوجان كلاهما يعملان خارج البيت لساعات طويلة، كما أن روتين الحياة اليومي الذي يعيشه بعض الأزواج دون محاولة تغييره وكسره بالخرجات والسفر معا كلما سنحت الفرصة يزيد من وقع هذا الملل الزوجي..
افتقاد التواصل..
«زوجي قليل الكلام، ولا يتحدث معي إلا في أمور البيت كشؤون الأطفال ومصروف البيت وحاجياته، أما ما أحتاجه من دعم عاطفي وكلام رومانسي فهذه الأشياء غائبة عن قاموسه معي، مما يصيبني بالأسى والحزن حد الانفجار».. هكذا بدأت سعاد، 36 سنة، أم لطفلين، حديثها معنا حول علاقتها بزوجها، وتضيف «في بداية زواجي كنت أحاول دفع زوجي بشتى الوسائل كي يقول لي كلاما حلوا.. لكنني مع الوقت أيقنت أنني أحدث صخرة صماء، تزوج بهدف الإنجاب وفتح بيت وإفراغ حاجاته الجنسية كلما ألحت عليه ليس إلا، أما ما أريده أنا وما أحتاجه فلا شأن له به، حتى باتت حياتي معه بارة جدا.. حتى في الفراش؟!»..
مما لا شك فيه أن التواصل أمر ضروري، لأننا لا نستطيع أن نقرأ ما في العقول ولا يجب أن نحاول فعل ذلك، فكل منا يحتاج للتواصل مع شريكه بوضوح وصراحة ليعبر عن نفسه دون لوم أو عنف..
مفاهيم خاطئة عن الزواج…
الكثير من الأزواج ينظرون إلى الزواج على أنه «شر لابد منه» وأنه محطة يجب الوقوف فيها لإنجاب الأولاد وإتمام رسالتهم في الحياة، فيستكينون ويهملون أنفسهم وشريك حياتهم، فيستسلمون للملل والروتين ويتقبلانهما على أنهما حقائق في الحياة، ولا يقومون بأي محاولات للمحافظة على جمالية وحيوية علاقتهما الزوجية.. وهو الأمر الذي يعيشه خالد 42 سنة، متزوج وأب لثلاثة أطفال، يقول «قبل الزواج كنت وزوجتي نرسم أحلاما وردية على ما سنعيشه معا تحت سقف واحد، إلا أنه وبمجرد زواجنا تبخرت كل تلك الأحلام والوعود لنكتشف أن الزواج ما هو إلا مرحلة عمرية كان لابد منها كي نستقر وننجب أطفالا، حيث أن زوجتي صارت مهملة لشكلها وطريقة لباسها، عكس ما كانت عليه في فترة التعارف والخطوبة».. ويضيف «يوما بعد يوم اختفى الحب الذي جمعنا فصار شيئا آخر.. أشبه بأخوين أو شخصين جمعتهما مصلحة ما وغرفة لا غير.. فصارت حياتنا روتينية، ما ننام عليه نستيقظ عليه»..
الملل الجنسي.. أخطر أنواع الملل الذي يصيب الزوجين
يؤكد الأطباء أن الملل الجنسي يؤدي إلى الشعور بالإحباط والانزعاج والتوتر والقلق، مما يتسبب في تكوين ردود مزاجية وسلوكية سلبية تتسم بالشكوى والملل وعدم الرضا عن الطرف الآخر واضطراب الوظيفة الجنسية نفسها بمظاهرها الجسمية والفيزيولوجية، مثل عدم الرغبة الجنسية أو ضعفها، إضافة إلى صعوبات الانتصاب والإثارة الجنسية، ويمكن أن تعكس اضطرابا في العلاقة الزوجية الإنسانية، واضطرابا في التفاهم والحوار وحل المشكلات الحياتية اليومية.
ويشير الأطباء إلى ضرورة النظر إلى ما خلف الأعراض والشكاوى، أي إلى العلاقة نفسها بين الرجل والمرأة وصعوباتها ومشكلاتها، وبالتالي توجيه النظر نحو حلها وتعديلها أو السير في الطريق الصحيح المؤدي لتخفيف الصراع والتوتر وتعديل أساليب التفاهم وتحقيق الذات الإيجابي ضمن العلاقة الزوجية، ويمكن للحوار والتعبير عن الانفعالات وعن الغضب والإحباط أن يلعب دورا إيجابيا في التنفيس عن المشاعر السلبية المتراكمة والحبيسة، ومن ثم تعديلها وتفهمها وتبديلها.
كما أن إهمال النظافة الشخصية وعدم الاهتمام بها من الأسباب التي تخلق حالة من الملل وعدم الرغبة في العلاقة الزوجية.. أيضا يؤكد خبراء العلاقات الزوجية أن كبت المشاعر وعدم إظهارها للآخر من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى الملل الجنسي وعدم الرغبة في إكمال هذه العلاقة، ويؤكدون أيضا أن عدم إظهارها سواء بالكلمات أو الأفعال، يجعل العلاقة جافة، لا طعم لها، فالزوجان يعيشان حياة جافة، محرومان من أشياء مهمة جدا، وقد تقود إلى حياة روتينية، لا طعم ولا نكهة، حياة يشوبها البرود وغياب الدفء الذي يغير لون الحياة العاطفية في حياة كل زوجين.
خيانة زوجية بسبب الملل الزوجي..
قد يصل الملل الزوجي بالزوجين حد الخيانة، عندما يبحث الزوج أو الزوجة عن مخرج ومنفذ لمللهما خارج دائرة منزل الزوجية، مما يؤدي إلى الوقوع في وحل الخيانات الزوجية، وهو ما حصل مع سلوى 26 سنة، التي بسبب معاناتها من الملل الزوجي اتجهت لإشباع حاجاتها النفسية من الفيسبوك، تقول سلوى «كنت أعاني فراغا عاطفيا كبيرا، رغم أنني تزوجت عن حب، إلا أن زوجي بسبب مشاغله الكثيرة صار يأتي للبيت متأخرا لينام فيه فقط، ويخرج منه في الصباح الباكر.. فصرت أشغل وقتي في الفيسبوك، وتعرفت على شاب من خلاله، جمعتنا صداقة قوية، فصرنا نتحدث كل يوم وبشكل كبير حتى صرنا نحب بعضنا البعض ونتكلم في أشياء حميمية ما كان لنا أن نقولها وأنا امرأة متزوجة».. تضيف «بدأنا نرى بعضنا عبر «السكايب» ويطلب مني أن يراني بملابس النوم.. ولأنني كنت محتاجة للاهتمام من طرف الجانب الآخر وأرى نظرات الإعجاب في عينيه كنت أنساق لرغباته.. إلى أن وجدت نفسي ذات يوم بين أحضانه.. كانت المرة الأولى والأخيرة التي خنت زوجي بسبب الملل الذي أعيشه.. ندمت كثيرا خاصة وأنه يعاملني بشكل جيد.. إلا أنني محتاجة لإنسان يكون بجانبي لا إنسان أراه عشرة دقائق أو ساعة في اليوم»..
الشجار لعلاج الملل
قد يجد الزوجان في الشجار هما وتوترا، ولكن هناك فريق من علماء النفس يذهبون إلى أنه علاج جيد للملل والروتين الذي تصاب به العلاقة الزوجية. وأوضح هؤلاء أن العلاقة الزوجية تحتاج من وقت لآخر إلى نوع ما يعرف بالشحن العاطفي، أي إعادة شحن العواطف من خلال المشاجرات والمناقشات بأسلوب غير جارح. فهي تعطى الحياة الزوجية نكهتها وطعمها.
كما أكد الباحثون أن على الزوجة أن لا تكون سلبية في مواجهة الملل في حياتها مع زوجها ولا تستسلم للروتين الزوجي، لأن الاستسلام يعطى شعورا بعدم الاهتمام والرتابة التي تهدد استقرار العلاقة الزوجية على مر السنين.
مشيرين إلى أن الحوار والتواصل بين الزوجين يساعد على بناء جدار من المودة، حيث لاحظ الباحثون من علماء النفس أن الشريك يشعر بالسعادة أكثر في علاقته مع شريك حياته عندما يناقشه ويخالفه الرأي بغرض المصلحة وليس للاستفزاز.