في غضون الأوضاع الحالية والخوف والهلع الذي أصاب العالم أجمع بسبب عدو لا مرئي و لا مسموع والمسمى بفيروس كورونا، و الذي تسبب في شل كل شيء في جميع الميادين سواء الإقتصادي أو الاجتماعي وحتى السياسي، وبات التفكير مركزا فقط كيف القضاء على العدو. و ما بقي لنا سوى البقاء في البيت و انتظار الفرج من عند الله وأمل التجارب العلمية والطبية.
بالطبع هناك شريحة من المجتمع أكثر عرضة لخطر العدوى بطريقة مباشرة او غير مباشرة. من بينها الأطر الطبية والمختبرية التي تعتبر في الواجهة الأولى المعرضة للخطر. لكن هناك شريحة أخرى مرتبطة بهاتة الأخيرة ومعرضة لنفس الخطر بحكم المعطيات الوبائية الخطيرة لمرض الكورونا فيروس 19، وهي عائلات هاته الاطر الصحية وأطر البيولوجيا المختبرية.
أنا، حفيظة، من بين هؤلاء.. أم لولدين 19سنة و 11سنة و زوجة لدكتور تخصص في البيولوجيا الجزئية والطبية، ويشتغل في مستشفى جهوي بفرنسا، وخاصة بالمختبرالذي تتم فيه التحاليل المختبرية لفيروس الكورونا 19. حياتنا تغيرت 360 درجة و لو أني أحاول أن نعيش حياة عادية مع الأولاد إلا أن كل شيء تغير حتميا على جميع المستويات.. أحاول أن أطمئن أولادي بحكم أنهم على علم بمخلفات الوباء المطروحة على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة أنهم يعرفون أن أباهم في الواجهة مع الخطر وأن أحدا من زملائه في المستشفى قد أصيب بالفيروس، رغم أنني أكرر لهم أن أباهم ملتزم بالسلوك المختبري الجيد ومواضب على كل التعليمات وشديد الصرامة في عمليات التعقيم مما يستحيل نقل الفيروس للبيت لا قدر الله.
أولادي يعدون أيام الحضر بالتصفيق من النوافذ كل يوم على الساعة الثامنة والمخصص لجنود البدلة البيضاء، و الإحساس فيه بالافتخار بأبيهم ممزوج بالخوف و الانتظار.
هذا الإحساس الغريب وشبه المزمن، إحساس ممتزج على قدر ما أننا فخورين به، الا أننا نخاف عليه أن يصاب بالفيروس، وفي نفس الوقت نخاف على أنفسنا ولو أنه يلتزم معنا بعملية الحجر الصحي واحترام التعاليم بجدية أكثر حتى نجتاز الأزمة التي في حقيقة الأمر لا أحد يعرف مصيرها إلا الله .رحم الله أعلامنا وعلماءنا وشيوخنا، ومن له الحق علينا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
حفيظة خبولي