لطالما شغل موضوع الجن حيزا كبيرا في خيال البشر، وتناقلت الأجيال حكاياتهم ورواياتهم، تاركة خلفها أسئلة غامضة حول طبيعة هذه المخلوقات ودورها في حياتنا. في هذا التحقيق المطول، نغوص في عالم الجن، لنسلط الضوء على أجناسهم وطبائعهم ومساكنهم وطعامهم، ونقدم معلومات مدهشة قد تُغير نظرتك إلى هذا العالم الغامض.

ينقسم الجن إلى خمسة أجناس رئيسية، لكل جنس خصائصه وطبيعته الفريدة ولا يوجد أي تشابه بينهم إطلاقا في الخليقة والشكل، فلذلك هم غير متوافقين فيما بينهم منذ القدم.. فالحروب والقتل والسبي مستمر إلى يومنا هذا بين بعضهم البعض.. هم السكان الحقيقيون للأرض فهم متواجدون عليها قبل نزول آدم عليه السلام، فعلى ذلك تخيلوا أنهم أكثر من أولاد آدم بكثير، فلو قسنا سيكون مجموع البشر الذين هم على وجه الكرة الأرضية فقط عشرة بالمائة من مجموع الجن الموجودين عليها، فلا يخلو كل شبر في الأرض إلا وله موكل من الجن.. هذا إضافة إلى أنهم يتوالدون بكثرة، فالمرأة عند الولادة بالقليل تلد من سبعة إلى عشرين، نعم هكذا هو شأنهم وطريقة حياتهم وإليكم أصنافهم.

** المردة.. أقدم وأول خلق للجن وأكبرهم حجما وأقواهم

هم أكبر وأضخم أنواع الجن على الإطلاق وأقدمهم خلقا، ويتراوح طول الواحد منهم من سبعة عشر متر إلى ثلاثين مترا، وهم أقل أنواع الجن وجودا في زمننا هذا، وذلك يعود لانقراضهم من كوكبنا الأرضي بسب الكوارث الطبيعية والإلهية ومن غضب أنزله الله على أقوامهم أو بسبب الطوفان الذي وقع في زمن نبي الله نوح عليه السلام، والمذكور عن المردة في المصادر وما تناقله أساتذتنا من أخبار بأنهم كانوا أشد أقوام الجن كفرا وتمردا على الله، ولذلك سماهم الأولون بالمردة لشدة تمردهم، وحسب ما ذكر من أخبار عن أساتذتنا بأنهم يتواجدون في قمم الجبال والكهوف الواقعة في جبال الهمالايا وفي مناطق أخرى نائية وخالية من البشر. واستحضار المردة هو من أخطر أنواع الاستحضارات وأصعبها، وقل ما سمعنا في زماننا هذا بأن هناك من استخدم ماردا أو اتصل به من الروحانيين. ويقال أيضا إن النساء من جنسهم قلائل لسبب لا يعلمه الا الله مما أدى إلى انخفاض نسلهم. فالذين يعيشون الآن هم من المعمرين فقط أعمارهم من ستة آلاف إلى ألف وخمسمائة سنة بحساباتنا وتقاويمنا، فإذا حضروا إلى منطقة أهلة بعمار الجن فزعو منهم الجن من عظيم أجسامهم وهربوا خوفا من الهلاك على أيديهم كما تدخل الفيلة إلى الغابة وتهرب منها الحيوانات، لأنهم بإمكانهم أن يدوسوا بيوتهم وأولادهم بأقدامهم.

** العفاريت.. ثاني خلق للجن، وأذكاهم وأقدرهم على التصريف

ثاني خلق للجن، وأذكاهم وأقدرهم على التصريف بل وأكبرهم حجما بعد المردة وأقواهم تصريفا ولهم إمكانيات وقدرات فسيولوجية وجنية عالية.. بإمكانهم الطيران والغوص ومنهم عدد كبير من المؤمنين بالله، وينقسمون ألى ثلاثة قبائل -{ناهل}-{جاجن}-{طايل}- أما ناهل فيعيشون في مناطق السند والهند. وأما جاجن فيعيشون في مناطق القوقاز وأرمينيا وأذر بيجان وإيران، وأما طايل فيعيشون في مناطق تركيا وأنطاكيا ونجد واليمن وسلطنة عمان. ومنهم من عاصر الأنبياء واتبعهم وتتلمذ على أيديهم، ومنهم حواريون وأولياء وصالحين، حالهم كحال البشر، وهم أيضا قليلون في زمننا هذا مقارنة مع باقي العصور الأولى، وهم أيضا لا توجد النساء بكثرة في جنسهم لحكمة يعلمها الله. وما سمعنا بان هنالك من استخدمهم من الروحانيين إلا البعض من العلماء.. وللعلم فقط العفاريت هي التي تستطيع إخراج الكنوز والدفائن من الأرض والبحار وجلب الجمادات مثل المعادن وغيرها من الحاجات الكبيرة والمتوسطة وحتى البشر والحيوان وغير ذلك فهم باستطاعتهم نقل البشر من مكان إلى مكان آخر أيضا.

Image description

** البناؤون.. ثالث خلق للجن، وأضعفهم قدرا وذكاء

هم من أقل أصناف وأجناس الجن فطنة وذكاءا وقدرة وذلك لعدم قدرتهم على الطيران والغوص. وهم شبيهون بالبشر من حيث إمكانياتهم ومناطق تواجدهم الرئيسة، ويقال أيضا بأن أكبر منطقة لتواجد البنائين تقع في مدينة سامراء في العراق وفي القدس. فكما يروى بأنهم هم الذين بنو هيكل سليمان عليه السلام، وأغلبهم يدينون بدين اليهودية والقلة منهم يدينون بالإسلام والمسيحية، وهم الذين يحفظون كتب نبي الله سليمان عليه السلام إلى يومنا هذا.. وهم جان مسالمون ليسوا بعدائيين وذلك لخشيتهم من باقي أصناف الجن كيلا يغزوهم ويسرقوا نساءهم وأولادهم. فهم على مدى التاريخ كانوا ومازالوا عبيدا يخدمون غيرهم من أصناف الجن لضعف قدراتهم الجنية وأحجام أجسامهم متشابة مثل أحجام أجسام البشر.

** الغواصون.. رابع خلق للجن وأخطرهم وأشدهم خبثا

هم من أخطر وأمكر وأدهى أجناس الجن جميعا وأشدهم خطرا على ابن آدم وبنات حواء وإبليس لعنه الله من فصيلتهم وجنسهم، فلهم مملكة عظيمة في الماء الذي بباطن الأرض ومملكة في البحر، وسبب بلاء ابن آدم ومصائبهُ منهم، فهم من ذرية إبليس الملعون. ويعتبر إبليس هو كبيرهم وقائدهم وأغلبهم يدينون بالمجوسية واليزيدية وأعني اليزيديون الذين يسكنون شمال العراق والابليسية أي على دين إبليس ليس كنبي وإنما كإله.. فهم وبشكل دائم يحاربون باقي أصناف الجن ويقتلونهم وفيهم النساء كثيرات وأحجام أجسامهم تقريبا المتر أو المتر والنصف وأعمارهم تتراوح ما بين السبع مائة والثلاث مائة.

** الطيارون.. خامس خلق للجن، وأكثرهم سرعة ومكرا

هم الذين يطيرون في الهواء والفضاء بشكل مستمر. وهم أيضا ماكرون ودهات ومحتالون يحتالون على ابن آدم، وقل ما ينقلون أخبارا صحيحة. وهم أكثر أصناف الجن الذين يحضرون على المشتغلين بالروحانيات. فلو أرادوا أن يصدقوا فعندهم الخبر اليقين، وذلك لاستراقهم السمع من السماء.. مع شدة المخاطر التي قد تحصل لهم من جراء ذلك، فيقتل الكثير منهم بالنيازك والشهب التي ترميها الأملاك عليهم عندما يقتربون من أبواب السماء الأولى، وفيهم النساء كثيرات وتتراوح أحجامهم قدر الذراع أو الذراع والنصف، ولهم القدرة بجلب الأشياء الصغيرة مثل أعمال السحر حتى ولو كانت في أقصى الأرض وبسرعة.. وهم يدينون بأديان مختلفة، ولكن الكفرة منهم كثيرون وأعمارهم تتراوح ما بين المائة والخمسون والمائة..

** المردة: لا يلبسون شيء ولا يستحمون، ويُعرفون بشدة قوتهم ووحشيتهم.

** العفاريت: ينقسمون إلى مؤمنين وكفار، والمؤمنون منهم يلبسون الثياب ويستحمون.

** البنائون: يُشبهون البشر في طبائعهم، ويحبون جمع الطعام.

** الغواصون: لا يلبسون الملابس ولا يستحمون، ويُعرفون بوحشيتهم وقذارتهم.

** الطيارون: نباتيون لا يأكلون اللحوم، ويُعرفون بسرعتهم ومكرهم.

مساكن الجن حسب مهمتهم الموكلون بها

لا يملك الجن الأراضي، بل يُوكلون عليها من قبل سادة أو ملوك. ويُعتقد أن لكل جني مكانا محددا لا يمكنه مغادرته إلا بأمر من سيده. فلو وكل جني بمكان معين فإنه لا يستطيع تركه لأنه في حالة ما إذا تركه فإنه سيعاقب من قبل سيده أو الملك، ويمكن أن تكون العقوبة هي الموت. فهذا يعني أن الأرض أو المكان لا يعني للجني بشيء، وإنما يعنيه الأمر الذي تلقاه من سيده فلذلك ان الموكلون بكافة انواع السحر والكنوز والدفائن والجبال والوديان والسهول وحتى القرناء هم يوكل له.. فالجن مأمورون وعليهم الطاعة والموكل لا يستطيع أن ينصرف عن الموضع الذي وكل عليه إلا بأمر من سيده وإلا سيفضل العذاب والموت من البشر على أن يخالف سيده، فالعذاب سيكون أشد ويلا.

طعام الجن.. يختلف باختلاف أصنافهم

إن أصناف كثيرة من الجن كانوا وما زالوا يعيشون على فضلات الإنسان منذ القدم، أي أن وجود الإنسان معهم على وجه الأرض هو قديم أيضا ويمكن أن نقول إن أنواع طعام الجن مختلفة باختلاف أجناسهم وأصنافهم فنجد:

* المردة: يأكلون الطين الأحمر وبعض أنواع النباتات. ويأكلون اللحوم ويشربون الماء كثيرا ولا يحبون الحلو والمالح.

* العفاريت: يأكلون بعض أنواع النباتات ولحوم الأسماك. ويشربون الماء كثيرا وهم لا يأكلون اللحوم، ويحبون الحلو ولا يحبون المالح أو المر، وأكثر ما يحبون عصير التمر.

* البناؤون: يأكلون ما يتبقى من طعام الإنسان. وهم يقضون أغلب أوقاتهم بجمع الطعام، ويحبون أكل نخاع العظام والجن. البناؤون لا يميزون الذوق من الحلو والمر والمالح وغيره، وإنما يميزون الهالة من الطعام وهم أيضا يشربون الماء كثيرا.

* الغواصون: هم أشبه بالسباع والضباع. يأكلون كل شيء من اللحوم حتى الجيف الميتة. ويشربون الدماء وحتى لحوم البشر الميتة، وأكلهم بشراهة وحالهم كالحيوانات يتقاتلون فيما بينهم على الطعام، وهم أقذر مخلوقات الجن وقليلا ما يشربون الماء.. وهذه القاعدة ليست سارية عليهم كلهم، بل على المعظم فقط فهناك منهم المسلمون وهم لا يأكلون غير الأسماك واللحوم الجافة من الحلال والعظام.

* الطيارون: يأكلون ثمار الأشجار من الفاكهة وغيرها. وهم نباتيون لا يأكلون اللحوم أبدا وأكلهم بكميات قليلة جدا.

ملابس الجن.. تنوع مذهل يعكس طبائعهم

تختلف عادات لباس الجن باختلاف أصنافهم وطبائعهم، ونذكر من ذلك:

* المردة: لا يرتدون الملابس ولا يهتمون بنظافتهم الشخصية، ولا يستحمون.

* العفاريت والبناؤون: يرتدي المؤمنون منهم الملابس المنسوجة من ألياف نباتية، ويحرصون على النظافة والاستحمام.

* الطيارون والغواصون: لا يرتدون الملابس عادة، ولا يهتمون بنظافتهم الشخصية، ولا يستحمون.

وينطبق هذا الوصف بشكل عام على كل صنف من الجن، لكن قد توجد استثناءات، فبعض الجن من أي صنف قد يختلفون عن بقية أفراد جنسهم في عاداتهم.

يُشار إلى أن بعض الجن المسلمين من الطيارين والغواصين قد يهتمون بالنظافة الشخصية وارتداء الملابس، وذلك التزاما بتعاليم الدين الإسلامي.

طبائع الجن غير طبائع البشر

تختلف طبائع الجن باختلاف أصنافهم، فنجد:

يختلف الجن عن ابن آدم بطبائعهم الخلقية قلباً وقالبا، إلا أنهم يشعرون ويحسون بالبردة والحرارة والرطوبة واليبوسة وعندما يحزنون ويبكون، يبكون بلا دموع لأنه لا توجد عندهم الغدد الخاصة بالدموع، فلذلك هم يحزنون ويبكون بلا دموع، ومدة حمل نسائهم تختلف باختلاف الأصناف. فمثلا، تحمل نساء المردة 7 أسابيع، بينما تحمل نساء العفاريت 11 يوما فقط. ونمو أجنة الجن يكون بطيئا جدا مقارنة بالبشر.