رفع السرية يكشف تفاصيل مثيرة حول حادث اغتيال الرئيس الأمريكي جون كنيدي

حدث في مثل هذا اليوم من عام 1963، ارتُكب حادثٌ هزّ الولايات المتحدة والعالم بأسره: اغتيال الرئيس الأمريكي الشاب جون إف. كينيدي في دالاس، تكساس. بينما كانت التحقيقات الرسمية، بقيادة لجنة وارن، قد أشارت إلى أن الجاني الوحيد هو لي هارفي أوزوالد، إلا أن نظريات المؤامرة حول مقتل كينيدي لم تتوقف منذ تلك اللحظة. في السنوات الأخيرة، بعد رفع السرية عن بعض الوثائق الحكومية، تكشفت مزيد من الأدلة التي تغذي تلك النظريات وتُثير تساؤلات جديدة حول حقيقة الحادثة.
فما حقيقة اغتياله ؟ وهل أوزوالد هو الجاني الوحيد أم هناك مؤامرات سياسية أخرى ؟ ....
ترامب ينشر وثائق جديدة حول اغتيال جون كينيدي بعد 60 عامًا
في خطوة تهدف إلى تحقيق الشفافية، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الثلاثاء، دفعة جديدة من الوثائق السرية المتعلقة باغتيال الرئيس الأسبق جون كينيدي في عام 1963. هذه الوثائق، التي كانت مصنفة سابقًا، تم نشرها على الموقع الإلكتروني للأرشيف الوطني الأمريكي. وتأتي هذه الخطوة بعد توقيع ترامب أمرًا تنفيذيًا في يناير الماضي يقضي برفع السرية عن جميع الملفات المتعلقة بالحادث.
محتوى الوثائق
تتضمن الوثائق الجديدة أكثر من 80 ألف صفحة، منها حوالي 2,200 ملف تم نشرها دون أي تعديلات. تشمل المذكرات تقارير عن عمليات سرية لوكالة المخابرات المركزية (CIA) في كوبا، بالإضافة إلى تفاصيل حول أنشطة لي هارفي أوزوالد قبل الاغتيال. كما تحتوي على معلومات عن "عملية مونغوس" التي كانت تهدف إلى الإطاحة بنظام فيدلكاسترو في كوبا.
التحقيقات الرسمية: أوزوالد هو الجاني الوحيد
وفقًا لتقرير لجنة وارن، التي تم تشكيلها للتحقيق في مقتل كينيدي، تم تحديد لي هارفي أوزوالد، الذي كان يبلغ من العمر 24 عامًا في ذلك الوقت، كقاتل منفرد. أوزوالد كان قد أطلق النار على الرئيس من نافذة مبنى "مستودع الكتب المدرسية" في دالاس أثناء مرور موكب كينيدي. تم اعتقال أوزوالد بعد الحادث، لكنه قُتل على يد جاك روبي قبل أن يُحاكم.
لكن على الرغم من هذه النتائج الرسمية، ظل السؤال الأهم: هل كان أوزوالد يعمل بمفرده؟ أدت هذه الأسئلة إلى ظهور العديد من نظريات المؤامرة التي تتعلق بجهات أخرى قد تكون متورطة في قتل الرئيس.
المؤامرة السوفيتية: أوزوالد والاتحاد السوفيتي
من بين أكثر النظريات المثيرة للجدل تلك التي تتعلق بالاتحاد السوفيتي. وفقًا لبعض الوثائق التي تم رفع السرية عنها مؤخرًا، هناك إشارات إلى أن أوزوالد، الذي قضى وقتًا في الاتحاد السوفيتي قبل عودته إلى الولايات المتحدة في عام 1962، كان له ارتباطات مع السلطات السوفيتية. كانت فترة أوزوالد في الاتحاد السوفيتي قد تميزت بتصريحاته المتعاطفة مع الفكر الشيوعي، حيث عاش في مدينة مينسك بالاتحاد السوفيتي قبل أن يعود إلى الولايات المتحدة.
وبناءً على هذه الخلفية، ظهرت فرضية قوية تقول إن أوزوالد قد غادر الاتحاد السوفيتي بهدف اغتيال الرئيس الأمريكي الشاب. هذه النظرية تطرح تساؤلات عدة حول ما إذا كان أوزوالد قد كان جزءًا من مؤامرة سوفيتية أوسع لزعزعة استقرار الولايات المتحدة في سياق الحرب الباردة. كان كينيدي، الذي تولى منصب الرئاسة في عام 1961، قد لعب دورًا رئيسيًا في مواجهة الاتحاد السوفيتي في قضايا مثل أزمة الصواريخ الكوبية، وهو ما جعل علاقات الولايات المتحدة مع موسكو في حالة توتر دائم.
المافيا والانتقام: هل كان أوزوالد مجرد أداة؟
هناك نظرية أخرى تستند إلى أن أوزوالد قد كان مجرد "أداة" في مؤامرة أكبر يقف وراءها قوى أخرى داخل الولايات المتحدة. يعتقد البعض أن المافيا قد تكون متورطة في قتل كينيدي انتقامًا من سياساته ضدها، مثل حملته ضد أنشطة الجريمة المنظمة. في هذا السياق، يُعتقد أن أوزوالد ربما لم يكن هو المخطط الأصلي لاغتيال كينيدي، بل كان جزءًا من مخطط معقد تم تنفيذه بالتعاون مع شخصيات من عالم الجريمة.
مؤامرة وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)
نظريات المؤامرة التي تذكر وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) كمشارك رئيسي في اغتيال كينيدي تتعلق أساسًا بتوترات داخل الحكومة الأمريكية. كان كينيدي قد أقال العديد من المسؤولين في الاستخبارات بعد فشل غزو خليج الخنازير في كوبا في عام 1961، وكان يشكك في فعالية استراتيجية "التدخل السري" التي تتبعها الوكالة في الحرب الباردة. وفقًا لهذه النظريات، فإن بعض الشخصيات في وكالة الاستخبارات المركزية قد تكون شعرت أن كينيدي كان يشكل تهديدًا لمصالحهم، وهو ما قد يكون دافعًا لهم للتورط في مؤامرة لإزالة الرئيس.
هل هناك أدلة جديدة تدعم هذه النظريات؟
من خلال رفع السرية عن بعض الوثائق الحكومية المتعلقة باغتيال كينيدي، تبين أن هناك تفاصيل لم يتم التطرق إليها بشكل كامل ، وفي التحقيقات الرسمية. تشير بعض الوثائق إلى وجود اتصالات بين أوزوالد وبعض الشخصيات ذات الروابط المحتملة مع المخابرات السوفيتية أو مع جماعات أخرى قد تكون لها مصلحة في تصفية الرئيس.
كما أنه في عام 2021، تم الكشف عن أكثر من 13,000 وثيقة جديدة تتعلق بالقضية، ورغم أن العديد من الوثائق كانت غير حاسمة، إلا أن بعض الباحثين أشاروا إلى أن هذه الوثائق قد تحتوي على أدلة قد تغير النظرة التقليدية حول الجريمة. لكن على الرغم من هذه الاكتشافات، لا يزال الجدل قائمًا حول ما إذا كانت هناك مؤامرة حقيقية.
هل سنعرف الحقيقة أم سيظل الغموض يكتنف القضية ؟
رغم مرور أكثر من 60 عامًا على اغتيال الرئيس كينيدي، لا يزال هذا الحدث يشكل مصدرًا مستمرًا للغموض والتساؤلات. نظريات المؤامرة تتنوع وتتعدد أطرافها ، فبعضها يستند إلى أدلة جديدة تم الكشف عنها مؤخرًا. ومع استمرار فتح الوثائق السرية، قد تظل الحقيقة محط خلاف طويل، ولكن ما هو مؤكد هو أن اغتيال كينيدي ترك أثرًا عميقًا في التاريخ الأمريكي والعالمي.
هل سنصل يومًا ما إلى الإجابة النهائيةأم الزمن وحده كفيل بإزاحة الستار عن كافة التفاصيل المتعلقة بهذه الجريمة التي هزّت العالم.