الزواج في زمن التحولات.. هل فقدنا بوصلة السعادة الأسرية؟
شكل استمرار العلاقة الزوجية والحفاظ على الأسرة، التي تشهد تغيرا في أهدافها سعيًا لمواكبة التوجه الحداثي والثقافات الدخيلة، محورا متشعبا. هذا التغير أدى، حسب البعض، إلى تشردم بنيوي في مفهوم الزواج وبالتالي فشله. لذا، ارتأينا إعداد ملف لدراسة هذا الموضوع الهام، نطرح فيه تساؤلات جوهرية: ما هو تعريف الزواج في سياقنا المعاصر؟ وما سر نجاحه واستمراريته؟ وهل يلعب اختيار الشريك المناسب دورا حاسما في هذه المعادلة؟ وما مدى أهمية الجانب الحميمي في نجاح العلاقة الزوجية؟ وهل يمثل الحب والحرص على تجديده وقودا لاستمرار هذه الرابطة؟ وما هي الثوابت والمتغيرات التي تحكم العلاقة الزوجية في مجتمعاتنا؟ وهل يمكن أن يؤدي غياب التواصل والانسجام الفكري بين الشريكين إلى فشل هذه العلاقة؟ هذه الأسئلة وغيرها سنسعى للإجابة عنها بتعمق ودراسة.
دراسة مقارنة لمفهوم الزواج
في القوانين التقليدية، يُعرّف الزواج بأنه ذلك العقد الشرعي الذي ينظم العلاقة بين الرجل والمرأة، ويهدف إلى تكوين أسرة وإنجاب الأطفال. لكن، في ظل التطورات الحديثة التي شهدها العالم على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، طرأ تغير على مفهوم الزواج والهدف منه. وقد أدى هذا الأمر إلى تغير نظرة المجتمعات إلى الزواج، فلم يعد يُنظر إليه كمجرد التزام اجتماعي أو اقتصادي، بل أصبح خيارًا شخصيًا مبنيًا على المساواة والشراكة.
وقد انتشرت مفاهيم الزواج المدني والاعتراف بالزواج المختلط (عبر الثقافات والأديان)، مما فرض تعديلات على القوانين. ففي الماضي، كان الزواج يتم بشكل أساسي بقرار من الأسرة أو العشيرة، وكان التركيز ينصب على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، مثل توفير الأمان والحماية والتحالفات بين العائلات، حيث كان الجميع يعيشون في منزل واحد يسوده الوئام والتفاهم بعيدا عن الصراعات.
أما الآن، فقد اختلف الوضع، وأصبح الزواج شراكة بين الرجل والمرأة في كل شيء، حتى في الممتلكات، حسب رأي البعض، أو تحول إلى شركة يكون الهدف المادي هو الأسمى، وفقا لاستطلاع الرأي الذي أجريناه بين الجنسين. وقد أدى ذلك إلى عزوف عن الزواج، بالإضافة إلى ارتفاع سقف الشروط المثالية التي يجب أن تتوفر في الشريك بالنسبة للرجل والمرأة على حد سواء.
سر نجاح العلاقة الزوجية
يتساءل الكثيرون، خاصة المقبلين على الزواج وحتى المتزوجين الذين يواجهون صعوبات في التعامل مع بعضهم البعض، عن سر العلاقة الزوجية الناجحة؛ ذلك السر الذي يجعلهم يشعرون بالسعادة في أغلب الأوقات، ويمكنهم من تحمل مشاق الحياة معًا. لقد ظل هذا الموضوع محل اهتمام ودراسة مستفيضة، فالنظر إلى فشل الزواج باعتباره نذيرا بتفكك الأسرة وبالتالي الطلاق، يجعله قضية محورية تستحق البحث المتعمق.
وقد قمنا بعدة بحوث وتحقيقات في هذا المجال، وتوصلنا إلى أن هناك أكثر من 50 دراسة تناولت هذا الموضوع من جوانب نفسية واجتماعية مختلفة.
بعض هذه الأسرار التي قد تحقق السعادة الزوجية
• حسن الاختيار: اختيار الشريك المناسب الذي يستطيع الطرف الآخر الحديث معه بعفوية وارتياح.
• المرونة في التعامل: علاقة الزواج كباقي العلاقات، تقوم على الأخذ والرد، لذا حاولوا التحلي بالمرونة الكافية لتجنب المشاكل التي قد ينبع أساسها من العناد.
• قاعدة المودة: اتخاذ مقولة «المودة تولد المزيد من المودة» أساسا لحياتكما؛ فالحنان والملامسة والتقبيل كل صباح عادات ترسخ الود وتزيد من قدرتكما على التواصل والتفاهم.
• الحياة الحميمة المنتظمة: ممارسة العلاقة الحميمة بانتظام حتى مع التقدم في السن، فالتواصل الجسدي له دور كبير في ترسيخ المودة والمحبة بينكما.
• الكرم الشامل: السخاء على كافة المستويات؛ في المشاعر، والوقت، والمال.
• التقدير المتبادل: تقدير كل من الزوجين للآخر من أسرار العلاقة الزوجية الناجحة، ففي بعض الأحيان تكون العلاقة هشة وتحتاج إلى عناية خاصة.
• التغاضي عن الصغائر: تجاوز الأمور البسيطة التي قد تعكر صفو حياتكما، والنظر دائمًا إلى علاقتكما على أنها أكبر من كل شيء ولن تتأثر بمثل هذه الحوادث العابرة.
• الصبر وغفران الزلات: تذكروا أنكما تكبران وتنضجان معًا بمرور الوقت، والأمر يتطلب تحقيق التوازن في معادلة الأخذ والعطاء باستمرار ليدوم الحب بينكما.
• تجاوز الماضي المؤلم: ترك التفكير في الأمور المؤلمة التي حدثت سابقًا وتجنب الحديث عن أي شيء يزعجكما وقد مضى وقته.
• خفة الظل: عدم أخذ كل شيء على محمل الجد، والسعي لأن يجعل كل طرف الآخر يضحك من قلبه.
احترام الاستقلالية: تجنب التعامل من منطلق الملكية الخاصة، فلكل منكما حياته واهتماماته، لذا لا بد من ترك مساحة شخصية للآخر ليشعر بالراحة والحرية.
• التواصل الدوري: الحديث بصفة دورية عن مشاعركما تجاه الأشياء والأمور التي تزعجكما لزيادة التواصل وحل المشكلات بشكل سريع وجذري، وتجنب الصمت والكتمان الذي يؤدي إلى تراكمات تنفجر بمرور الوقت.
• التواصل الزوجي الشامل: الحرص على التواصل كزوجين والتحدث في كل شيء من وقت لآخر، فالتواصل هو مفتاح حل أي مشكلات أو خلافات، وعلى كل طرف وضع نفسه مكان الآخر لتقدير موقفه، والتأكد أن الوقوف بجانب بعضكما في المواقف الصعبة يحسن علاقتكما.
• الصراحة في التعبير: الصراحة قدر الإمكان في التعبير عن مشاعركما، فالطرف الآخر غالبًا لا يستطيع قراءة الأفكار، لذا عبرا عن عدم ارتياحكما أو صعوبة التواصل لتحديد المشكلة وحلها.
• تجنب النقد السلبي: تجنب الانتقاد والكلمات السلبية مهما كان السبب، فالمشاركة في المشاعر وإيجاد مساحة مشتركة يعمقان الحب ويزيدان التواصل.
• إيجاد مساحة مشتركة والتجديد: الحرص على إيجاد مساحة مشتركة بتجربة أشياء جديدة معا، والحفاظ على الإثارة والتجديد الدائم في حياتكما، كالسفر أو تقديم الهدايا لخلق جو من الرومانسية والرعاية.
• المفاجآت والرحلات: التخطيط لخروج مفاجئ أو السفر في عطلة نهاية الأسبوع لزيادة الألفة والحب وإعادة الدفء للعلاقة.
