بعد انقضاء أشهر الحمل التسعة، حان الوقت لأن يرى طفلك النور، وإذا كان كل شيء على ما يرام فغالبا ستكون ولادتك طبيعية، لكن قد تحتاج الأم تحت ظروف معينة لإجراء ولادة قيصرية.

وتتساءل بعض الحوامل عن أيهما أفضل: الولادة الطبيعية (المهبلية) أم الولادة القيصرية (جراحية)؟!،

الولادة الطبيعية هي الأساس..

الولادة الطبيعية عبارة عن نشاط «فيسيولوجي» فطري، وامتحان جسدي للأم والجنين معا، ويجري هذا النشاط الطبيعي بصفة عادية إذا كانت الظروف الفيسيولوجية للأم ممتازة، والحالة العضوية للجنين جيدة، أما إذا كان هناك خلل يشوب أحدهما، فعندئذ يكون تدخل الطبيب لإجراء عملية قيصرية بفتح بطن الأم وشق جدار الرحم لإخراج الجنين، هو الحل الوحيد والحتمي، لإنقاذ حياة الأم أو الطفل أو هما معا.

كما أن هناك من السيدات من يتخوفن من الولادة الطبيعية، فيفضلن الولادة القيصرية هروبا من الألم، إلا أنها تبقى حالات نادرة، فالمرأة العاقلة تدرك أهمية الولادة الطبيعية وفضلها على صحتها وصحة جنينها، لكن نلجأ لإقناع من تختار الولادة القيصرية خوفا من الألم، بجدوى الولادة الطبيعية، وهي بشكل عام مسببة للألم، لكن التدريب على أخذ النفس العميق عند بداية المخاض قد تخفف نسبيا من هذه الآلام. فهذه الانقباضات المتولدة بالرحم، تجعل رأس الطفل يمر عبر الحوض متجها للأسفل ضاغطا على عنق الرحم، مما يساعد على توسعه، وبالتالي يتم نزول الطفل أكثر وخروجه إلى العالم، كما أن معظم الحوامل يلدن بدون أي مضاعفات.

كيف تتم الولادة الطبيعية؟

بعد المرور بمراحل المخاض المختلفة، سيتسع عنق الرحم إلى أقصى حد وستكون المرأة مستعدة في النهاية لولادة الطفل. بالنسبة للسيدات اللاتي تلدن لأول مرة، تستغرق عادة هذه المرحلة حوالي ساعة، ونادرا ما تستغرق أكثر من ساعتين. أما بالنسبة للسيدات اللاتي أنجبتن من قبل، فقد تستغرق معهن هذه المرحلة من 15 إلى 20 دقيقة فقط.

متى يكون اللجوء لولادة قيصرية أمرا ضروريا؟

هناك ثلاث مستويات تستدعي إجراء العملية القيصرية، وهي الأم والجنين وحيثيات الولادة. الحالة الأولى تتعلق بالأم، فإذا قامت بعملية قيصرية من قبل، أو كانت حالتها الصحية ضعيفة لا تتحمل أوجاع الولادة الطبيعية، إما بسبب مرض القلب، أو الربو، أو ارتفاع ضغط الدم، أم فقر الدم الحاد، أو الفشل الكلوي، يكون من الضروري إجراء العملية القيصرية، إضافة إلى أسباب فيسيولوجية، فمثلا ضيق الوركين أو عنق الرحم يمنع الجنين من الخروج من مسلكه الطبيعي، فتكون العملية القيصرية لا مفر منها. أما الحالة الثانية فتتعلق بالجنين، فإذا كان وزنه كبيرا يفوق حجم حوض الأم، أو يعاني من نقص في التغذية وذو بنية ضعيفة، أو وضعه غير مناسب للخروج من رحم الأم، كأن يكون في وضعية جلوس، أو يتخذ رحم الأم بصفة عرضية، تكون الولادة الطبيعية أمر خرافي، لذا نلجأ للعملية القيصرية.

والحالة الأخيرة فتتعلق بحيثيات الولادة، ففي بعض الحالات تسبق «المشيمة» الجنين عند الخروج من رحم الأم، فتضيق عليه الخناق ويحتمل أن يموت، كما أن «الحبل السري» يمكن أن يسبق الجنين ويلتف بعنقه أو جسده فيخنقه حد الموت، إضافة إلى إمكانية حدوث نزيف دموي في رحم الأم، أو تمزق الغشاء الخاص «بالسائل الأمينوسي» الذي يحيط بالجنين، فيجف ويحتمل جدا موته، لذا يكون إجراء العملية القيصرية ضروريا.

Image description

مخاطر العملية القيصرية

لازالت العديد من النساء يتخوفن من العملية القيصرية، ظنا منهن أنها خطيرة وتعرض الأم للموت، نظرا لتكرر الوفيات في الماضي عند إجراء هذه العملية. لكن الأمر تغير اليوم، حيث أصبحت الولادة القيصرية يسيرة، بفضل التخدير الموضعي، إذ يمكن للأم أن تبقى متيقظة طيلة فترة إجراء العملية القيصرية، دون أن تحس بأدنى ألم أو تشنج، على عكس التخدير الكلي الذي كان يجري في السابق، إذ تزيد فيه نسبة الخطورة عندما تكون الأم قد أكلت وجبة قبل الولادة، فتذهب بعض بقايا الطعام إلى المسالك التنفسية خلال تخديرها، فتختنق وتموت، وتبقى العملية القيصرية الحل الوحيد والأمثل لحماية حياة الأم والجنين بغض النظر عن الأفكار الجاهزة المتداولة.

الشفاء بعد الولادة القيصرية

فترة النقاهة بالنسبة للأم التي قامت بوضع وليدها قيصريا تختلف من امرأة لأخرى، حسب بنيتها الجسدية وقدرتها على استئناف نشاطها العادي، ويمكن تحديد هذه الفترة ما بين أسبوع إلى عشرة أيام، إذ يمكن للمرأة أن تزاول نشاطها الاعتيادي دون أي مشكل أو ضرر يهدد صحتها.

تكرار الولادة قيصريا يهدد صحة المرأة

عندما يكون نفس العائق حائلا بين الأم والولادة الطبيعية، تتكرر العملية القيصرية في كل ولادة، وغالبا ما يكون الحد الأقصى لإجراء العملية القيصرية هو أربع مرات، لأن تكرر فتح البطن يخلق بعض المشاكل في أنسجة البشرة، والالتصاقات الحادة التي تؤثر على المثانة والأمعاء، ما يؤدي إلى صعوبة إجراء العملية في المرات القادمة، لكن على العموم يبقى عدد المرات التي يمكن فيها إجراء العملية القيصرية رهينا بسماكة جدار الرحم، وقدرة المرأة على التحمل.

إخفاء الندوب عبر عمليات التجميل

بدأ الطلب يزداد على العملية التجميلية الموضعية في الآونة الأخيرة من طرف النساء اللواتي يخضعن لعملية قيصرية، وذلك رغبة في إخفاء التشوهات وندوب موضع شق البطن، وهذه العملية ليست تجميلية مطلقا، بل مجرد تحسين في طريقة خياطة جلد البطن، إذ يقوم بها الطبيب النسائي، دون الحاجة لطبيب متخصص في الجراحة التجميلية، وذلك باعتماد طريقة متطورة ودقيقة تخفي آثار شق البطن بصفة تقريبية، مما يمنح منظرا طبيعيا وجميلا لشكل بطن المرأة، وكأنها لم تتعرض لعملية قيصرية بتاتا.