في دورتها السابعة عشر، التي انعقدت أول أمس السبت بطنجة، حاكمت محكمة النساء الرمزية، ظاهرة “تأنيث الفقر” وتناولت من خلالها شهادات عشرات النساء من مختلف جهات المملكة، اللواتي تعرضن لانتهاك حقوقهن، وعانين الحاجة وظروف عمل وعيش لا إنسانية، إلى جانب التعرض للطرد التعسفي من العمل والتحرش والحرمان من الميراث، واختتمت المحاكمة بتقديم أحكامها الرمزية، التي سهرت على صياغتها فعاليات نسائية حقوقية نقابية وقانونية.
تعكس محكمة النساء الرمزية مبادرة حقوقية وإنسانية سنوية هادفة وفعالة، وصرخة مدوية دأب اتحاد العمل النسائي على تنظيمها، وتندرج في إطار الترافع لإبراز ما تعانيه المرأة المغربية في الواقع المعيش، فالمرأة هي أساس تدبير الشأن الأسري، وهي في أغلب الحالات المعيلة الوحيدة والمتكفلة بأسرتها وأبنائها، ورغم ذلك تعاني الفقر والهشاشة كما تفتقد للحماية وتواجه الكثير من العراقيل، وتحرم من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رغم دسترة المساواة.
اعتبرت أطوار المحكمة الرمزية، التي نظمها اتحاد العمل النسائي بطنجة هذه السنة، مبادرتها الحقوقية والتنموية، آلية لكسر جدار الصمت حول مختلف أشكال العنف ضد النساء، حيث لعبت هذه الآلية طيلة سنوات دورا بيداغوجيا وتحسيسيا كبيرا في الكشف عن العنف وأشكاله وتمظهراته العميقة بالمغرب، كما ساهمت حسب مناضلات الجمعية في تعزيز القدرات الترافعية لتشكل أداة ضغط وتعبئة للدفاع عن حقوق النساء، ووسيلة للتنديد بظاهرة تأنيث الفقر، التي باتت تمس شرائح واسعة من النساء المغربيات في جل المناطق، مايؤكد ضرورة استمرار النضال لتعيير أوضاعهن، أما طنجة التي احتضنت هذه السنة المحاكمة الرمزية فتحظى بخصوصية، فباستثناء المدينة، تفتقر جل الحواضر إلى معامل وشركات تمتص بطالة النساء، ما يدفع بالعديد من بينهن إلى امتهان التهريب المعيشي، مع ما يجعلهن عرضة للنيل ولانتهاك حقوقهن وكرامتهن، فهن لايستفدن من كافة حقوقهن الاقتصادية المخولة لهن وفقا للدستور المغربي، ويواجهن بالموازاة معيقات أكبر من الرجال لولوج عالم الشغل، ولا يستفدن من مبدأ تكافؤ الفرص على قدم المساواة مع الرجال، سواء كن متعلمات حاملات شهادات عليا، أم فقيرات وضعتهن حظوظهن النحيلة في شرك حياة بئيسة وعرضة للاستغلال الاقتصادي والجنسي البشع.