“تدارت” هو الإسم الذي أطلقته مجموعة من الشباب المغاربة على البيت الذي سيتم بناؤه في مطلع شهر شتنبر/ أيلول القادم في إطار مسابقة Solar Decathlon، هذه الأخيرة التي أقيمت لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2002 من تنظيم وزارة الطاقة الأمريكية بهدف تأسيس اقتصاد جديد يعتمد على الطاقة النظيفة ويقلل من المخاطر البيئية ذلك من خلال تشجيع الأبحاث في هذا المجال.
المسابقة تنظم بين الجامعات والمدارس العليا وتنبني الفكرة على إنجاز تصاميم و بناء بيوت إيكولوجية صديقة للبيئة والتي تجمع روعة التصميم بحسن استغلال الطاقات المتجددة وذلك اعتمادا على ما يتطلبه السوق دون إغفال حسن تدبير الموارد الطاقية والمائية.
Solar Decathlon Africa 2019 هذه الدورة المنظمة من طرف معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة IRESEN، جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية وذلك بشراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط OCP في شتنبر/ أيلول 2019، حيث يتبارى 20 فريقا من جنسيات مختلفة في مدينة بنجرير حيث يتواجد مقر الجامعة المنظِمة.
تم اختيار تنظيم هذه الدورة خلال مؤتمر COP22 للمناخ في مراكش، إذ تم توقيع اتفاقية بين كل من وزارة الطاقة، المعادن، الماء والبيئة وكذا المعهد المغربي للبحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة ووزارة الطاقة الأمريكية وذلك للمشاركة في تنظيم هذه النسخة الافريقية Solar Decathlon Africa.
من بين ال 20 فريقا المشاركة في هذه النسخة، فريق “تدارت” الذي اقتبس اسمه من كلمة بيت بالأمازيغية تعزيزا لحضور الهوية المغربية بكل مكوناتها ليس على مستوى التصاميم فقط و إنما من خلال حسن اختيار الاسم أيضا. TADD-ART باللاتينية تثبت حضور الفن كمكون رئيسي في البيت المقرر إنهاء تصميمه وبنائه في شتنبر المقبل.
تدارت سيكون ثمرة لجهود مبذولة خلال 18 شهرا ابتداءا من مارس 2018، والذي يسعى العاملين عليه إلى احترام كل معايير المسابقة السالفة الذكر وذلك من خلال جعل البيت إيكولوجيا، يعتمد على الطاقات المتجددة وتُستعمل في بنائه المواد الأولية المتوفرة في القارة الافريقية عامة والمغرب بشكل خاص، البيت لابد وأن يكون مبنيا بطريقة تسمح بتفكيكه و إعادة تركيبه، كل هذا يدخل ضمن شروط المسابقة.
يتكون الفريق العامل على “تدارت” من مجموعة من الطلبة المغاربة المقدر عددهم بحوالي 40 طالبا وطالبة من 15 تخصصا ومن مؤسستين هما أكاديمية الفنون التقليدية بالدار البيضاء وجامعة مونديابوليس بالدار البيضاء.
أكاديمية الفنون التقليدية هي مؤسسة تم إحداثها في أكتوبر 2012 بأمر من العاهل المغربي الملك محمد السادس وهي واحدة من مكونات مؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، تتميز بكونها توفر تكوينا أكاديميا فريدا يضم المعرفة العلمية والتقنية والتاريخية وكذا ورشات للفنون التقليدية يتعلم فيها الطالب على أيدي حرفيين مغاربة يشهد لهم بالبراعة. وجود مؤسسة فريدة من هذا النوع من شأنه أن يكون نقطة قوة في المسابقة وذلك من خلال تعزيز الفن والصناعة التقليدية المغربية وإثبات حضورها في “تدارات” اعتمادا على معارف الطلبة في فن المعمار التقليدي وفي تخصصات أخرى تتجلى أهميتها في التصميم الداخلي والخارجي للبيت.
أما عن مونديابوليس فهي جامعة خاصة تأسست عام 2009 بالدار البيضاء تعتمد التكوين المستمر للأطر وتضم أقسام تعليمية متعددة وهي كلية العلوم الصحية، مدرسة الهندسة، مدرسة التسيير والتدبير، معهد العلوم السياسية والقانونية والاجتماعية، مركز الفصول التحضيرية ومركز التدريب التنفيذي، تتضمن هذه الأقسام تخصصات تقنية من شأنها أن تساعد في كل ما له علاقة بالجانبين التقني والتكنولوجي في “تدارت” وذلك من خلال ابتكار أجهزة إلكترونية منزلية تعتمد على الطاقات المتجددة.
جدير بالذكر أن لطلبة مونديابوليس تجربة في الابتكار، السيارة التي تعتمد على الطاقة الشمسية كخير مثال والتي تلائم شروط المسابقة.
تعمل كلتا المؤسستين بشراكة مع جمعية لبنة للعمارة المستدامة والتي تشتغل في مجال التنمية والحفاظ على التراث المعماري كما تعمل أيضا على تشجيع استعمال مواد البناء الطبيعية والإيكولوجية.
نشير فقط إلى أن طلبة المؤسستين سبق وأن شاركوا في مسابقات وطنية و دولية في مجال المقاولة الاجتماعية والابداع والابتكار.
يطمح هؤلاء الطلبة العاملين على مشروع “تدارت” إلى التمكن من بناء بيت، أصيل ومعاصر بخصائص فريدة ومميزة وذلك من خلال العمل على ثلاثة مكونات رئيسية وهي البعد التقليدي الذي يتجلى في البناء باستعمال الحجر بطريقة إبداعية ومقتبسة من القصور والقصبات وكذلك “المدرسات” القديمة، ثم البعد الاجتماعي الذي يحاول من خلاله الطلبة توفير الظروف الملائمة لطلبة الجامعة وذلك بإتاحة شروط عيش مريحة ومساعدة على البحث والتحصيل العلمي للطلبة بما فيهم أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأخيرا البعد الإيكولوجي الذي يهدف بالأساس إلى بناء بيت صديق للبيئة يعتمد بشكل كلي على الطاقة النظيفة.
يُدرج مشروع “تدارت” مجموعة من المشاريع الشبابية كشركاء في إنجاز البيت، هذه المشاريع الممثلة في مقاولات شابة وحديثة تنبني أساسا على الإبداع في مجال الصناعة التقليدية وتقييم التراث، كما أنها تهدف إلى النهوض بالأوضاع الاجتماعية للمستفيدين منها.