الخميس , نوفمبر 21 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار اليوم / اغتصاب، سرقة، أو اعتداء… صدمات نفسية، هكذا تتجاوزينها..

اغتصاب، سرقة، أو اعتداء… صدمات نفسية، هكذا تتجاوزينها..

كيف‭ ‬يمكن‭ ‬تفسير‭ ‬معنى‭ ‬الصدمة‭ ‬النفسية؟

تعتبر‭ ‬الصدمة‭ ‬النفسية‭ ‬أو‭ ‬تراوما‭ ‬(trauma)‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الظواهر‭ ‬النفسية‭ ‬القاسية‭ ‬والصعبة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الذين‭ ‬عاشوها،‭ ‬ولذا‭ ‬فهي‭ ‬تدرس‭ ‬وتبحث‭ ‬بشكل‭ ‬واف‭ ‬وعميق‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تعنى‭ ‬بالأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬محليا‭ ‬وعالميا‭. ‬إذ‭ ‬نرى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراكز‭ ‬المؤهلة‭ ‬لعلاج‭ ‬الصدمة‭ ‬النفسية‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬الحروب‭ ‬والكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬وحوادث‭ ‬صادمة‭ ‬أخرى‭ ‬كالاعتداء‭ ‬الجنسي‭ ‬مثلا‭. ‬والمعنى‭ ‬الأصلي‭ ‬للكلمة‭ ‬اليونانية‭ “‬تراوما” (Trauma) هو‭ ‬جرح،‭ ‬أو‭ ‬ضرر‭ ‬يلحق‭ ‬بأنسجة‭ ‬الجسم‭. ‬واليوم‭ ‬نستعمل‭ ‬الكلمة‭ ‬بمعنى‭ “‬صدمة‭ ‬نفسية‭” ‬لوصف‭ ‬وضع‭ ‬يجرب‭ ‬فيه‭ ‬الشخص‭ ‬حدثا‭ ‬صعبا‭ ‬جرح‭ ‬نفسه‭.‬

هل‭ ‬جميع‭ ‬الناس‭ ‬معرضون‭ ‬للإصابة‭ ‬بـ‭ “‬التراوما‭”‬؟

تتفاوت‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬الأشخاص‭ ‬للحوادث‭ ‬الصادمة،‭ ‬فليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬يعاني‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تعرض‭ ‬لحدث‭ ‬صادم،‭ ‬لعوارض‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الصدمة،‭ ‬أو‭ ‬اضطرابات‭ ‬أخرى،‭ ‬إذ‭ ‬ترتبط‭ ‬هذه‭ ‬الردود‭ ‬بقدرة‭ ‬الفرد‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الحدث‭. ‬وتتأثر‭ ‬هذه‭ ‬القدرة‭ ‬بالوسائل‭ ‬الدفاعية‭ ‬المختلفة‭ ‬لديه،‭ ‬كتكوينه‭ ‬النفسي‭ ‬وثقافته‭ ‬ومعتقداته،‭ ‬وهي‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬ننشأ‭ ‬عليها‭ ‬منذ‭ ‬الولادة،‭ ‬وتتطور‭ ‬خلال‭ ‬سيرورة‭ ‬حياتنا‭. ‬وتتأثر‭ ‬قدرة‭ ‬الفرد‭ ‬أيضا‭ ‬بمدى‭ ‬الدعم‭ ‬الذي‭ ‬يتلقاه‭ ‬من‭ ‬المحيطين‭ ‬به‭. ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬هذا،‭ ‬فقد‭ ‬يعاني‭ ‬أشخاص‭ ‬من‭ ‬صدمة‭ ‬نفسية‭ ‬نتيجة‭ ‬حادث‭ ‬طرق،‭ ‬بينما‭ ‬يواجه‭ ‬آخرون‭ ‬الحدث‭ ‬ويتأقلمون‭ ‬معه‭. ‬ويتعافى‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬معظم‭ ‬الذين‭ ‬يتعرضون‭ ‬لحدث‭ ‬صادم‭ ‬بعد‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر‭ ‬دون‭ ‬حاجة‭ ‬ملحة‭ ‬للعلاج‭ ‬النفسي‭. ‬

وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬أيضا،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصدمة‭ ‬النفسية‭ ‬لا‭ ‬تعكس‭ ‬بالضرورة‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬لتعرض‭ ‬مباشر‭ ‬للحدث،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬نتيجة‭ ‬لتعرض‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬كأن‭ ‬تنتج‭ ‬عن‭ ‬إصابة‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬العائلة‭ ‬أو‭ ‬صديق،‭ ‬أو‭ ‬مشاهدة‭ ‬حدث‭ ‬معين‭ ‬على‭ ‬التلفاز،‭ ‬أو‭ ‬سماع‭ ‬خبر‭ ‬معين‭.‬

ما‭ ‬هي‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬الحدث‭ ‬صادما؟

هنالك‭ ‬عاملان‭ ‬قد‭ ‬يجعلان‭ ‬الحدث‭ ‬صادما:‭  ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الحدث‭ ‬تهديدا‭ ‬بالموت‭ ‬أو‭ ‬إصابة‭ ‬خطيرة‭ ‬تلحق‭ ‬بنا‭ ‬أو‭ ‬بشخص‭ ‬آخر‭. ‬أما‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬شعور‭ ‬قوي‭ ‬بالخوف‭ ‬والعجز‭ ‬والرعب،‭ ‬وعند‭ ‬الأطفال‭ ‬تظهر‭ ‬عوارض‭ ‬سلوكية‭ ‬مشوشة‭ ‬أيضا‭ ‬أو‭ ‬عصبية‭.‬

ما‭ ‬هي‭ ‬أعراض‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الصدمة‭ ‬النفسية‭ ‬؟

مؤشرات‭ ‬أو‭ ‬أعراض‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الصدمة‭ ‬النفسية‭ ‬كثيرة،‭ ‬نذكر‭ ‬منها:

أولا،‭ ‬إعادة‭ ‬وتكرار‭ ‬للحدث:‭ ‬فالمصابة‭ ‬بالصدمة‭ ‬النفسية‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬وتكرار‭ ‬لمشهد‭ ‬الحدث‭ ‬الصادم‭ ‬بأشكال‭ ‬مختلفة،‭ ‬كاستذكار‭ ‬صور‭ ‬وأفكار‭ ‬متعلقة‭ ‬بالحدث،‭ ‬أو‭ ‬كوابيس‭ ‬متكررة،‭ ‬أو‭ ‬الشعور‭ ‬والتصرف‭ ‬وكأن‭ ‬الحدث‭ ‬يتكرر‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬أي‭ ‬تعيش‭ ‬المصابة‭ ‬الحدث‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬أو‭ ‬تواجه‭ ‬أزمة‭ ‬نفسية‭ ‬شديدة‭ ‬وتفاعلا‭ ‬جسديا‭ ‬عند‭ ‬تعرضها‭ ‬لعلامات‭ ‬أو‭ ‬إشارات‭ ‬تذكرها‭ ‬بالحدث‭ ‬الصادم،‭ ‬فمثلا‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬الاعتداء‭ ‬الجنسي‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬ماطر‭ ‬وبارد،‭ ‬قد‭ ‬تنفعل‭ ‬الفتاة‭ ‬وتسترجع‭ ‬الحدث‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الماطرة‭ ‬والباردة،‭ ‬أو‭ ‬عند‭ ‬اقتراب‭ ‬الشاب‭ ‬لخطيبته‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لاعتداء‭ ‬جنسي‭ ‬فإنها‭ ‬قد‭ ‬تنفر‭ ‬وتبتعد‭. ‬وعادة‭ ‬تكون‭ ‬الاستجابات‭ ‬الجسدية‭ ‬مبالغا‭ ‬بها‭ ‬مثل‭ ‬التعرق‭ ‬الزائد‭ ‬أو‭ ‬زيادة‭ ‬ضغط‭ ‬الدم‭ ‬أو‭ ‬نبض‭ ‬القلب‭ ‬والتوتر‭ ‬الشديد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالهلع‭. ‬

ثانيا،‭ ‬الامتناع‭ ‬أو‭ ‬تجنب‭ ‬المحفزات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالصدمة‭ ‬النفسية‭ ‬مثل‭: ‬تجنب‭ ‬الأفكار،‭ ‬المحادثات‭ ‬أو‭ ‬المشاعر‭ ‬المتصلة‭ ‬بالصدمة،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأماكن‭ ‬والفعاليات‭ ‬والأشخاص‭ ‬الذي‭ ‬يذكرون‭ ‬المصابة‭ ‬بها‭. ‬وفقدان‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالفعاليات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعتبرها‭ ‬المصابة‭ ‬مسلية‭. ‬والشعور‭ ‬بالغربة‭ ‬والنفور‭ ‬من‭ ‬الآخرين‭. ‬وصعوبة‭ ‬في‭ ‬الإحساس‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬عاطفة‭ ‬ايجابية‭ ‬كالسعادة‭ ‬والحب‭. ‬وانعدام‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المستقبل‭ ‬أو‭ ‬الحديث‭ ‬عنه‭. ‬والانفصال‭ ‬عن‭ ‬تفاصيل‭ ‬الحدث‭ ‬ونسيان‭ ‬أجزاء‭ ‬منه‭  ‬ويدعى‭ ‬هذا‭ ‬بـ‭ ‬الانسلاخ‭ ‬‭ ‬Dissociative”.

ثالثا:‭ ‬ظهور‭ ‬عوارض‭ ‬مفرطة،‭ ‬مثل:‭ ‬مشاكل‭ ‬في‭ ‬النوم‭. ‬أو‭ ‬ضيق‭ ‬الصدر‭ ‬ونوبات‭ ‬الغضب‭. ‬أو‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬التركيز‭ ‬والدراسة‭. ‬أو‭ ‬شعور‭ ‬دائم‭ ‬بالتأهب‭ ‬والاستنفار‭. ‬أو‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬الضوضاء‭ ‬العالية‭ ‬والحركات‭ ‬المفاجئة‭.‬

كيف‭ ‬يمكن‭ ‬تشخيص‭ ‬الحالة‭ ‬والتأكد‭ ‬منها؟

إن‭ ‬العامل‭ ‬الزمني‭ ‬مهم‭ ‬لتشخيص‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الفرد‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬عوارض‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الصدمة،‭ ‬ويحدد‭ ‬الطبيب‭ ‬النفسي‭ ‬المعالج‭ ‬المدة‭ ‬الزمنية‭ ‬القصوى،‭ ‬ففي‭ ‬حال‭ ‬ظهور‭ ‬العوارض‭ ‬التي‭ ‬ذكرنا‭ ‬لفترة‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬عن‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر،‭ ‬يتم‭ ‬تشخيص‭ ‬المريض‭ ‬بأنه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬صدمة‭ ‬نفسية‭ ‬شديدة،‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬استمرار‭ ‬العوارض‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬تعتبر‭ ‬الصدمة‭ ‬مزمنة‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ظهور‭ ‬العوارض‭ ‬بعد‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الركود،‭ ‬فيسمى‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬بالشكل‭ ‬المتأخر‭ ‬للصدمة،‭ ‬وهذه‭ ‬الحالة‭ ‬شائعة‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الاغتصاب‭ ‬المتكررة‭ ‬كسفاح‭ ‬القربى‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الاعتداءات‭ ‬المسببة‭ ‬للصدمة،‭ ‬يبقى‭ ‬الاغتصاب‭ ‬أشد‭ ‬اعتداء‭ ‬يترك‭ ‬على‭ ‬الضحية‭ ‬آثارا‭ ‬بالغة‭. ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬تأييد‭ ‬علمي‭ ‬لهذه‭ ‬الفكرة؟

هذا‭ ‬صحيح،‭ ‬وتشير‭ ‬الأبحاث‭ ‬والدراسات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاضطرابات‭ ‬النفسية‭ ‬واحتمال‭ ‬تعرض‭ ‬الفرد‭ ‬لعوارض‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الصدمة،‭ ‬تكون‭ ‬حادة‭ ‬ودائمة‭ ‬أكثر‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬مسبب‭ ‬الحدث‭ ‬الصادم‭ ‬هو‭ ‬الإنسان،‭ ‬كالاغتصاب‭ ‬أو‭ ‬التعذيب،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬كالزلزال،‭ ‬كما‭ ‬وتكون‭ ‬الصدمة‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حدوثها‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬نامية‭. ‬والاعتداءات‭ ‬الجنسية‭ ‬هي‭ ‬جرائم‭ ‬عنف‭ ‬يستعمل‭ ‬خلالها‭ ‬المعتدي‭ ‬سلوكه‭ ‬الجنسي‭ ‬كوسيلة‭ ‬لفرض‭ ‬سيطرته‭ ‬وتسلطه‭ ‬على‭ ‬الضحية‭ ‬دون‭ ‬أخذ‭ ‬موافقتها‭. ‬ويشمل‭ ‬السلوك‭ ‬الجنسي‭ ‬تصرفات‭ ‬مختلفة‭ ‬كاستعمال‭ ‬الكلمات‭ ‬والتعليقات‭ ‬الجنسية،‭ ‬عرض‭ ‬الأعضاء‭ ‬الجنسية،‭ ‬استراق‭ ‬النظر،‭ ‬الملاحقة‭ ‬الجنسية‭ ‬أو‭ ‬اللمس،‭ ‬ومحاولة‭ ‬الاغتصاب‭ ‬أو‭ ‬الاغتصاب‭. ‬

ويفوق‭ ‬ضرر‭ ‬الصدمة‭ ‬النفسية‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬تحرش‭ ‬أحد‭ ‬الأقارب‭ ‬بكثير‭ ‬الضرر‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬الغرباء،‭ ‬كونه‭ ‬يأتي‭ ‬ممن‭ ‬يتوقع‭ ‬منهم‭ ‬الرعاية‭ ‬والحماية‭ ‬والمحافظة،‭ ‬لذلك‭ ‬فحين‭ ‬يحدث‭ ‬تهتز‭ ‬معه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭ ‬وتنهار‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدعائم‭ ‬الأسرية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬وتضع‭ ‬الضحية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حيرة‭ ‬واضطراب،‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الموت‭ ‬المؤقت‭ ‬للعاطفة‭ ‬والشعور‭ ‬كوسيلة‭ ‬دفاعية‭ ‬يلجأ‭ ‬إليها‭ ‬الأشخاص‭ ‬لاستعادة‭ ‬السلام‭ ‬الداخلي،‭ ‬ولكنها‭ ‬وسيلة‭ ‬سلبية‭ ‬ومدمرة‭ ‬لأنها‭ ‬تقتل‭ ‬معنى‭ ‬الحياة‭ ‬والأمل‭.‬

هل‭ ‬للمحيط‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الضحية‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬الصدمة‭ ‬النفسية؟

تشير‭ ‬الأبحاث‭ ‬إلى‭ ‬الأهمية‭ ‬القصوى‭ ‬للبيئة‭ ‬الداعمة‭ ‬والمساندة‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الفرد‭ ‬للتأقلم‭ ‬مع‭ ‬الحدث‭ ‬الصادم،‭ ‬وعند‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬مجتمعنا‭ ‬المحافظ‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬الموروث‭ ‬الثقافي‭ ‬وبنية‭ ‬المجتمع‭ ‬لا‭ ‬يشكلان‭ ‬عاملَين‭ ‬داعمين‭ ‬للفتاة‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬للاعتداء‭ ‬الجنسي،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬يزيدان‭ ‬الوضع‭ ‬صعوبة‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬يزيدان‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬الصدمة،‭ ‬فبناء‭ ‬على‭ ‬الثقافة‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬قد‭ ‬تذنب‭ ‬المرأة‭ ‬ويبرر‭ ‬سلوك‭ ‬المعتدي،‭ ‬وهذا‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬الاضطرابات‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬أمراض‭ ‬مزمنة‭ ‬وقد‭ ‬تظهر‭ ‬عوارض‭ ‬ثانوية‭ ‬أخرى‭ ‬تترافق‭ ‬مع‭ ‬العوارض‭ ‬الأولية‭ ‬كالاكتئاب‭ ‬والقلق‭ ‬المزمن‭. ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬محاولة‭ ‬الضحية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬سر‭ ‬الاعتداء‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬العوارض،‭ ‬وقد‭ ‬تظهر‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التفكك‭ ‬في‭ ‬التفكير‭ ‬أو‭ ‬الشخصية‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالانسلاخ‭ ‬Dissociative‭ ‬Disorder،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬نسيان‭ ‬أجزاء‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬الحدث‭ ‬أو الشعور‭ ‬بالانسلاخ‭ ‬عن‭ ‬الذات‭. ‬وباختصار‭ ‬فهو‭ ‬تشوش‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬والوعي‭ ‬الذاتي‭ ‬والشعور‭ ‬بالمكان‭ ‬والزمان‭. ‬

عن منال شوقي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إلى الأعلى