أجمع الشعب المصري على حتمية الثورة الشعبية مرتين، الأولى هي الثورة الشعبية الكبرى عام 1919، والثانية هي «الزحف الأكبر» فى 30 يونيو عام 2013.
في المرة الأولى كانت الثورة ضد «المحتل الإنجليزي»، الذي استغل موارد مصر خلال الحرب العالمية الأولي، وعانى الشعب الأمرين في سبيل الاستقلال.
« الزحف الأكبر فى التاريخ»، وهو الوصف الذي أطلقته الدوائر السياسية العالمية، كان في «30 يونيو» ضد محتل غاصب من نوع جديد، محتل استخدم الدين لتغيير هوية المجتمع الوسطي، وأوهم الناس أنه «صاحب الوكالة» عن السماء فى تحديد درجات إيمانهم، وسلامة هذا الإيمان أو بطلانه.
في عصر «الاحتلال الإخواني» تغيرت مصر فى 365 يوما، وكان طبيعيا أن يجيء «القرار» من الشعب المصري، صاحب المعجزات عبر التاريخ للتخلص من هذه الجماعة الفاشية.
المثير للسخرية هو موقف هذه الجماعة من «فكرة الثورة»، فالكوادر التي تدعي الثورية الآن، لم تترب على الفكرة من الأساس، فالثورة ليست في أدبيات الإخوان من الأصل، وعليه فإن كل الفضائيات «الحنجورية» التي تتحدث عن الثورة ودور الإخوان الثورى عبر التاريخ، هي مجرد «قنابل صوت» ليس لها أصل أو تاريخ أو تأثير!.
ولنا أن نتوقف أمام مقولة لمرشد الجماعة الفاشية، ربما كان لها تأثير كبير في تاريخ جماعته، عندما قال البنا: «ما كان لجماعة الإخوان المسلمين أن تنكر الاحترام الواجب للدستور، باعتباره نظام الحكم المقرر في مصر، ولا أن تحاول الطعن فيه أو إثارة الناس ضده وحضهم على كراهيته، ما كان لها أن تفعل ذلك وهي جماعة مؤمنة مخلصة، تعلم أن إهاجة العامة ثورة، وأن الثورة فتنة، وأن الفتنة في النار».
ولنا أن نتوقف كثيرًا بالفحص أمام قوله: «أن الثورة فتنة، وأن الفتنة فى النار».. وهو ما يشير إلى موقف الإخوان من «فكرة الثورة عمومًا».
ومن هنا فقد رسخ الإخوان، لفكرة أن الثورة هي التي يشاركون فيها فقط، أو يحرضون عليها! وبالتالي فإنهم حينما يصلون إلى الحكم وتثور الجماهير ضدهم فهو حرام شرعا!.
منذ اللحظة الأولي، لوصول الجماعة الفاشية إلى حكم مصر، أدرك الناس أنهم أمام وهم كبير، وأن هذه الجماعة في «فترة اختبار»، وغالباً لن تستمر طويلاً!.
على مدى عام كامل عانى الشعب المصري معاناة لم يشهدها، أقلها هو «التكفير» لكل من يختلف مع الجماعة، وأن مصر الوسطية عليها أن ترضخ لحكم «بتوع ربنا»!.
أما على المستوى الاقتصادي، فقد انهار كل شيء، وتجلى أمام الناس عبثية »مشروع النهضة« الزائف والأبواق التي تحدثت عنه، وأدرك الجميع أن هدف الجماعة هو الوصول إلى الحكم فحسب، بلا مشروع أو حتى مجرد «رؤية» للمسقبل!.
الأخطر من تغيير الهوية المصرية، هو حالة «التهديد المستمر»، ومحاولات إضعاف الجيش المصري، فالجماعة على يقين من أنه آخر المؤسسات الوطنية المتبقية في هذا الوطن، وأن إرهاق هذه المؤسسة ضرورة للاستمرار، وأن تحويل الشارع المصري إلى فوضى عارمة هو هدف أسمي.
في عام واحد شعر المصريون أنهم غرباء في وطنهم، كل شيء مطروح للبيع حتى التاريخ لم يسلم من ذلك!.
مرشد الجماعة الإرهابية يقول: «إن منصب المرشد أعلى من منصب رئيس الجمهورية»، وأصبح «مكتب الإرشاد» هو صاحب «السلطة الروحية».
كلها مجرد »خزعبلات« ذابت أمام إرادة الشعب، الذي قرر التحرك ضاربا بكل تهديد الجماعة عرض الحائط، تحرك بفطرته التي نشأ عليها كشعب حر يرفض استخدام الدين الحنيف في مفاوضات سياسية مشبوهة.
وسط كل ذلك، وقف جيش مصر العظيم هذا الموقف المشرف الذي يضاف إلى تاريخه البطولي الكبير.
30 يونيو.. كانت «ضرورة حتمية» ضد محتل من نوع جديد
بقلم / همت داود