نجاة الباز… ابنة مكناس الزيتون التي عشقت تدوين تفاعلاتها الوجدانية مع نوستالجيا التراث ومفردات المحيط بلغة تعبيرية رمزية شفافة ممارسة عملية الغواية القصرية للسفر بين ثنايا قصائدها اللونية التي تغنت بكثير من معارض العالم, في عروس الجنوب أكادير اختارت الاستقرار لتنفتح على ثقافة أخرى من ثقافات المغرب الزاخرة والغنية، ومن هذه المدينة الساحرة انطلقت مسيرة نجاة لتصبح اليوم سفيرة الفن التشكيلي المغربي عالميا.
بداية كيف تقمصتك موهبة الفن التشكيلي؟
بدأت علاقتي بالفن التشكيلي منذ طفولتي عندما كان عمري ثلاث سنوات، وكانت والدتي أول من بدأ بملاحظة اهتمامي بالرسم، حيث كنت في البداية أرسم لوحات لكبار الفنانين، وأعتقد أنها المرحلة التدريبية التي لابد أن يمر بها كل فنان بالتدريج حتى يستطيع أن يحدد المسار الذي يناسبه ويجد نفسه فيه، ويبدأ بعدها بالرسم بشخصيته متميزة عن غيره، ثم مع مرور الأعوام تولد عندي شغف برسم الواقع .
لماذا تشتغل أغلب لوحاتك على الفلكور المغربي؟
المغرب لديه تراث ثقافي غني ومتنوع وكل منطقة من مناطق مملكتنا لها مميزاتها الخاصة، التي يتأثر بها الفنان انطلاقا من محيطه، بمفهومه المفتوح سواء من ناحية التراث أم غير التراث كالحياة اليومية التي نعيشها، ونظرا لكوني من مواليد العاصمة الإسماعيلية مكناس، والتي تعتبر لوحة زيتية ساحرة نظرا لما تحتويه المدينة من مآثر غنية بالثقافة والهندسة المعمارية لحضارات سابقة، فقد اكتسبت عشقا وحبا لكل ألوان التراث وروحه التي تتجسد بوضوح في الزوايا المختلفة بدأ بالمآثر، والأزقة، وانتهاء بالأسواق، والتي أحاول أن اعبر عنها وعن علاقته بي من خلال الألوان, ويمكنني القول أنني أخدم تراث وطني وحضارته على لوحاتي الفنية لتبقى متحدية الزمن، ليس فقط من خلال وجودها الفعلي وإنما من خلال أعمالي الفنية، وأنا أريد من ذلك نقل صورة حضارتنا إلى العالم أجمع، وبذلك أكون سفيرة لهذا التراث، وأنا أؤمن أن مثل هذا النوع من الفن رسالة باقية لا تموت.
كيف تقيمين علاقتك بالفن التشكيلي؟
الفن إحساس، والفنان التشكيلي الذي لا يحس لا يمكنه أن يبدع فنا يحس به الآخرون.. الرسم جزء من حياتي وتكويني، وعلاقتي به علاقة حب وعشق كبير ينمو مع كل لوحة أرسمها، لدرجة أن بعض لوحاتي أرفض بيعها بشكل قاطع لأني أرتبط بها، هذا صعب تفسيره وقد حدث لكبار الفنانين، كبيكاسو الذي رفض بيع الكثير من لوحاته, كما علمني الرسم أن أضع كل مشاعري في اللوحة التي أمامي، وأن أفجر فيها كل الحب وكل ما هو كامن في داخلي، وعموما يمكنني القول أن علاقتي بالفن هي علاقة الرئتين بالأكسجين.
المرأة حاضرة بشكل كبير في قصائدك البصرية، لماذا؟
الفن هو نافدتي للتعبير عن كل ما يخالجني، وأعبر أيضا من خلاله عن كل ما يحيط بي، وعن المجتمع والمرأة بشكل خاص، التي أعتبرها مخلوقا غير عاد، ويستحق كل الاحترام، ومكانة المرأة المغربية في مجتمعها متميزة بما وصلت إليه من تقدم ورقي، حيث أثبتت للآخرين قوة وجودها وجدارتها بانجازاتها القديمة والآنية، والتي تتطور يوما يوما بعد يوم، وهو ما أحاول إيصاله من خلال أعمالي التشكيلية محليا ودوليا .
من هم الفنانون الذين تستهويك رسومهم وأثروا فيك؟
هناك الكثير صراحة، ولكن من الذين تأثرت بهم هناك pablo picaso, claude monet, pierre guste renoir.
بعد أن ينتهي الفنان من رسم لوحته ويعرضها، هل ينظر إلى لوحته كمشاهد أم يبقى في دائرة الرسام؟
الفنان هو أكثر الناس قراءة للأشياء، حتى إذا وقف أمام لوحة من لوحاته، فلربما أقف أحيانا أمام عمل من أعمالي مندهشة من لون ما، لأني حين أرسم لا أكون في حالة نفسية طبيعية، فالهاجس أو المخيلة الإبداعية الباطنية لدي هي التي تتحكم بالريشة لا شخصي.
ما هي أبرز المهرجانات التي شاركت فيها، وكيف تقيمين تجربتك؟
برزت أعمالي من خلال الفن التشكيلي الراقي والعديد من المشاركات داخل وخارج المغرب، وفزت بالعديد من الجوائز، آخرها جائزة معرض في مهرجان المتوسطي الحسيمة لجمعية “أريد” وجائزة بباريس وأخرى بواشطن, والتي كانت آخر مشاركة لي في تظاهرة دولية عقب الدعوة التي وجهها لي محمد الحجام رئيس شبكة “موركن أميركن نتورك”, وهي المناسبة التي أعتبرها فرصة مكنتني من التعريف بالفن التشكيلي المغربي، كما أعتبرها محطة مهمة في مساري الفني لأني مثلت المغرب بلوحاتي التي تحاكي الثرات المغربي.
ما هي أحلامك وطموحاتك في مجال التشكيل، وما هي مشاريعك المستقبلية؟
أحلامي تتجلى في الارتقاء بالفن إلى أعلى مستوى، وأتمنى أن أرى الفن التشكيلي بالمغرب أكثر ازدهارا, أما بخوص مشاريعي المستقبلية فهناك عدة مشاريع مع شبكة “موركن أمريكان نتورك”، وهو الشيء الذي سيمكنني من إظهار بلادنا عن طريق الفن.
كلمة أخيرة…
أشكر كثيرا مجلة “أسرة مغربية” على هذا الحوار و اهتمامها بي كفنانة تشكيلية.