بعد إنتاج مرسيدس بنز أول سيارة إسعاف لحجر وعلاج مرضى إيبولا، طورت لوفتهانزا أول طائرة في أوروبا مخصصة لمواجهة هذا الوباء القاتل.
تطور لوفتهانزا الألمانية طائرة مخصصة لمواجهة إيبولا. لا يمتلك مثل هذه الطائرة حتى الآن سوى الولايات المتحدة، وهي طائرة من طراز بوينغ تم تطويرها وتجهيزها من قبل السلطات الأميركية كي تنفذ مهمات مواجهة مرض ايبولا، بين النقل السريع والمضمون والحجر الكامل والعلاج.
وفي إطار هذا التنافس الأوروبي الأميركي على سوق النقل الجوي، عمدت لوفتهانزا إلى تحويل طائرة من إنتاج “ايرباص” الأوروبية إلى طائرة نقل واسعاف وحجر مرضى ايبولا. وهي مساهمة ألمانية وأوروبية في الجهد العالمي المبذول من أجل وقف تقدم المرض في أفريقيا وانتقاله إلى الشمال.
فريدة في العالم
تم عرض الطائرة على الصحافة الدولية، بحضور وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير ووزير الصحة الاتحادي هيرمان غروهه، وقدمت الطائرة التي حملت اسم “روبرت كوخ” بمثابة مستشفى طائر تابع للحكومة الألمانية.
وفي تقرير عن طائرة روبرت كوخ على الصفحة الإلكترونية للحكومة الألمانية وصفت الطائرة بـ”الفريدة في العالم”، في اشارة واضحة إلى تفوقها على مثيلتها الأميركية.
واكتشف روبرت كوخ (1843-1910) العصيات المسببة للسل في العام 1882 وارتبطت منذ ذلك اليوم باسمه (عصيات كوخ)، كما له الفضل في عزل جراثيم الجمرة الخبيثة مخبريا، ممهدا الطريق إلى ايجاد عقار مضاد لها. ونال كوخ جائزة نوبل في الطب في العام 1905 لأبحاثه الناجحة في السل والجمرة الخبيثة.
وذكر شتاينماير أن الطائرة ستوضع في حالة انذار لمواجهة احتمالات انتقال فيروس ايبولا إلى ألمانيا، كما ستكون جاهزة لنقل أي موظف صحي يصاب بالمرض أثناء قيامه بواجبه الدولي في أفريقيا لمواجهة الوباء.
خيمتان معزولتان
تولى تقنيو لوفتهانزا تحويل طائرة ايرباص من طراز 340-300 إلى طائرة مختصة في إسعاف حالات الاصابة بإيبولا. فهي سيارة اسعاف، وحجر صحي، ومستشفى ومختبر في آن واحد. وتخلص المهندسون من بعض المراحيض ومن المطبخ لصالح بناء مختبر، كما قلص حجم مكان نقل البضائع كي يتسع لخزانات غاز الطيران اضافية تتيح للطائرة البقاء في الجو لفترة طويلة أيضا.
وبحسب وزير الصحة، الطائرة تتيح للأطباء بدء عمليات الانقاذ وهم في الجو، وقبل وصول الطائرة إلى ألمانيا. واعتبر الوزير الطائرة عاملا مشجعا للأطباء والممرضين الذين يتبرعون بالسفر إلى أفريقيا مجازفين بحياتهم، لأن طائرة الاسعاف تشعرهم باطمئنان أكبر. وهناك عشرون طبيبا ألمانيا يساهمون في الجهد الدولي في ليبيريا ضد المرض.
واقيمت خيمتان بيضاوان معزولتان تماما، وتنخفض فيها نسبة التلوث إلى الصفر، داخل الطائرة كي يجري داخلهما عزل المريض. وأبقى المهندسون على نحو عشرين مقعدا في المقدمة لاستراحة الأطباء والطاقم الطبي والفني المرافق. وتبدو الخيمة من الداخل، وقد اقيمت في منطقة مقاعد “الايكونومي”، مثل صالة عمليات بيضاء، لأنها مزودة بكل ما يكفل للأطباء عمله لانقاذ المريض.
وتمت عملية تحوير الطائرة في مدينة هامبورغ وساهم في الكلفة معهد كوخ وشركة لوفتهانزا ووزارة الصحة.
احتمال العدوى ضئيل
يمكن لحركة السياحة العالمية، وعن طريق الجو على وجه الخصوص، أن تكون عاملا فعالا في نقل وباء ايبولا عبر المحيطات، لكن احتمال التقاط العدوى على متن هذه الطائرات ضئيل، بحسب تقدير البروفيسور توماس يلينك رئيس مركز طب الطيران الألماني. وقال يلينك إن الجلوس في مقعد سبق أن شغله مصاب بالمرض لن يعرض المسافر على الطائرة لخطر الاصابة بالعدوى.
وذكر البروفيسور يلينك أن حياة الفيروس خارج جسم الإنسان قصيرة، ثم أن احتمال انتقاله في المرحلة الأولى من المرض ضئيل أيضا. والمرض معد تماما عندما تظهر أعراض المرض الحادة على المصاب، لكن من غير الممكن أن يتمكن مثل هذا المريض من الحركة وصعود طائرة. ويبقى احتمال ضئيل، وهو أن يكون المريض في المرحلة الأولى من المرض، لا تظهر عليه الأعراض، وينجح في السفر. هذا ما حصل مع مريض من ليبيريا نجح في السفر جوا وظهرت عليه الأعراض لاحقا بعد بلوغه الولايات المتحدة.
لقاح خلال سنة
يعمل الباحثون من جامعة هامبورغ الطبية على لقاح للوقاية من مرض ايبولا، قد يكون جاهزا بنهاية العام المقبل. هذا ما صرح به البروفيسور انزغار لوزه من جامعة هامبورغ، مضيفا أنه تمت تجربة العقار على 10 متطوعين حتى الآن. وتلقت جامعة هامبورغ أمصالا من مرضى يعانون من فيروس ايبولا عن طريق منظمة الصحة العالمية، تم إجراء التجارب عليها.
يعرف العالم مرض ايبولا منذ أكثر من أربعين عاما، وكان يعاود الظهور بين فترة وأخرى، وتسبب في الفترة الحالية فقط بموت أكثر من 7 آلاف شخص وإصابة 16 ألفا في غرب أفريقيا وحدها، لكن الطب لم يتوصل إلى علاج له، ولا إلى لقاح ضده طوال هذه الفترة. وقال لوزه إن تطوير عقار ضد أي مرض يحتاج إلى مرضى مصابين به، ولم يكن الوصول إلى هؤلاء المرضى وهم أحياء ممكنا في السنوات الأخيرة.