كيف يمكن تفسير ظاهرة «Raynaud» أو برودة الأطراف؟
تعد ظاهرة «Raynaud» أو برودة الأطراف من المشاكل الأكثر انتشارا خصوصا لدى النساء، وتكون عبارة عن تحول مفاجئ للون الأطراف خصوصا اليدين، من اللون العادي الوردي إلى لون أبيض، ثم أزرق وأخيرا أحمر، وذلك نتيجة بداية انقباض الشرايين الصغيرة، بسبب نقص في الدم، حيث تفقد البشرة لونها الطبيعي، لتصبح بيضاء، ثم أزرق داكن، وبعد الانقباض المفاجئ يحدث تمدد يخلف بدوره لونا احمرا فاقعا، إذ لا تدوم الحالة أكثر من نصف ساعة، فتاتي بمثابة نوبات مؤلمة. وسميت بذلك نسبة إلى الطبيب الفرنسي «موريس رينو» الذي اكتشفها وقام بوصفها وتحليلها.
هل هو مرض مزمن أم مجرد ظاهرة عابرة؟
يوجد تصنيفان لظاهرة الأطراف الباردة، الأولى معروفة باسم مرض الأطراف الباردة أو «maladie de Raynaud»، وهي الأكثر شيوعا، وتحدث هذه الأعراض من تلقاء نفسها. أما ظاهرة الأطراف الباردة الثانوية فتدعى بـ «عرض الأطراف الباردة» أو «syndrome de Raynaud» وعادة ما تحدث بسبب مرض آخر في بعض الأحيان يكون مزمنا، ويكون خطيرا، إذ يمكنه أن يسبب تقرحات في أطراف الأصابع، تؤدي إلى إتلاف جزء منها. وعلى العموم، مرض الأطراف الباردة، يهم النساء بالدرجة الأولى، خاصة منهن الشابات والنحيفات، ولا يخلف أي ضرر في الجسم ومصيره التحسن مع مرور الوقت، ومن الممكن أن يختفي بصفة مفاجئة أثناء فترة الحمل.
ما هي أسباب هذه الظاهرة؟
أسباب منظومة «رينو» متعددة، منها العام والخاص، خصوصا إذا ما كان المرض يخص طرفا دون آخر. ومن بين الأسباب العامة نجد العادات السيئة، مثل التدخين الذي يؤثر سلبا على الشرايين فتتصلب…
كما أن هناك أدوية مختلفة تكون هي المسؤولة عن حدوث هذه الظاهرة، مثل أدوية تحارب الضغط الدموي المستعملة في قصور القلب «Béta-bloquant»، وأدوية آلام الرأس «seigle ergot de»، ويمكن لأدوية أخرى لا نعيرها اهتماما، مثل القطرات التي تستعمل للحد من سيلان الأنف، أو أدوية تحارب ارتفاع الضغط في العيون، أن تكون هي السبب الرئيسي في مرض برودة الأطراف، ولا ننسى دور بعض المياه الغازية التي تحفز بعض الأعراض.
ما هي أعراضها؟
أثناء حدوث هذه الظاهرة، تضيق الأوعية الدموية الصغيرة «capillaires sanguins» وتنقبض، مما يسبب شحوبا وتغيرا على مستوى لون الأطراف من لون وردي إلى لون ابيض مثل بياض الثلج، وهذه المرحلة هي الأولى لظاهرة «رينو» التي تنقسم إلى ثلاثة مراحل.
المرحلة الثانية، تتسم بلون أزرق وتدل على انعدام وصول الدم، ووجود نقص في الأوكسجين على مستوى الأطراف، وبمجرد أن يعود التدفق الدموي لطبيعته تتمدد الشرايين، فيصبح اللون أحمرا، وهذه هي المرحلة الثالثة والأخيرة لمنظومة «رينو».
كيف يمكن الوقاية من هذه الظاهرة؟
برودة الأطراف الأولية، مرض وراثي لا يمكن الوقاية منه، لكن للتقليل من حدة نوباته يجب الحرص على ارتداء ألبسة واقية، والاهتمام بالملابس الملامسة للجسم، ويستحسن أن تكون مصنوعة من البولي بروبلين «polypropyléne»، لأنها تقوم بسحب وامتصاص الرطوبة من الجسم.
كما أن اللباس المكون من عدة طبقات، يحمي ويقي أحسن من البرد، لأنه يسمح بالاحتفاظ بحرارة الجسم، كما يجب ألا ننسى حماية اليدين والرجلين، بارتداء قفازتين وجوارب، وحماية فروة الرأس أيضا، لأنه تتسرب من خلالها كمية كبيرة وهائلة من الحرارة، وبالنسبة للقفازات، من المستحسن اعتماد نوع معين، بحيث تكون فيها الأصابع متجمعة وليس متفرقة كل على حدة. إضافة إلى تجنب المرور من أماكن، درجات حرارتها شديدة التباين، لكي لا نتعرض لصدمة حرارية، مع ضرورة استعمال قفازات عند أخد بعض الأشياء من الثلاجة. وفي بعض الأحيان، يكون التوتر النفسي، عاملا مهما لحدوث هذه الظاهرة من الصعب تجنبه، لذا يجب تغيير سلوكنا وطريقتنا لكي نستطيع التأقلم والتفاعل معه.
كيف يمكن علاج هذه الحالة؟
إذا كانت الوقاية من البرد لا تكفي، فمن الممكن وصف أدوية تساعد على توسيع الشرايين الدموية، وفي بعض الأحيان يكون مرض «رينو» ناتج عن خلل في الغدة الدرقية التي تقوم بدور هام في تنظيم حرارة الجسم، وبعلاج هذا الخلل نستطيع التغلب على هذه الحالة.
من هم الناس المعرضون للإصابة بمرض «رينو»؟
برودة الأطراف الأولية تشكل 90% من الحالات، وهي الأكثر شيوعا من النوع الثاني الناتج عن مرض ما، ويظهر هذا المرض ما بين 15 و25 سنة، ومن الممكن أن يتوقف تلقائيا بعد بضع سنين، أما النوع الثانوي فلا يصيب إلا 5 إلى 10% فقط من الناس. وتعد النساء أكثر إصابة وعرضة من الرجال، إذ تشكل نسبتهن 70% من المصابات، كما أن عامل الوراثة وارد أيضا، بحيث أن 30% من أطفال المصابين مصابون كذلك به، وتصادف فترة بلوغهم بداية الإصابة بالمرض. أما بالنسبة لمرض «رينو» الثانوي، فهو مرتبط بأمراض عدة، خصوصا أمراض تهم المناعة الذاتية، كداء الذئبية «lupus»، وتصلب الجلد «sclérodermie» والتهاب المفاصل الرثياني «Polyarthrite rhumatoïde»، كما يمكن أن ترتبط الظاهرة بمرض جفاف العيون والفم «maladie de Gougerot-Sjogren».
هناك من تستمر لديه برودة الأطراف حتى في فصل الصيف، لماذا؟
برودة الأطراف الأولية التي لا تصاحب مرضا ما، يكون سببها الرئيسي، إما التعرض للبرد، أو عامل ما من عوامل التوتر النفسي، لذلك من الممكن أن تحدث في فصل الصيف. أما بالنسبة لمرض «رينو» الثانوي، فهو يدل على وجود مرض جهازي أو مشكل على مستوى الشرايين، وقد يدوم طيلة الفصول الأربعة مع تدهور خاص في فصل الشتاء.
غالبا ما تكون الأطراف المعرضة للبرودة هي اليدين والقدمين، هل هناك مناطق أخرى معرضة للبرودة؟
ظاهرة «رينو» تهم بالخصوص اليدين، لكن في بعض الأحيان تطال الرجلين وحتى الأذنين والأنف، وفي بعض الأحيان اللسان وحلمة الثديين، وبالنسبة لليدين، يجب التأكد من إصابة الإبهام الذي يدل على وجود مرض وراء ظاهرة «رينو». أما حلمة الثديين، فتحدث الظاهرة في نهاية فترة الرضاعة، وذلك لاختلاف معدل الحرارة بين فم الرضيع والحرارة الخارجية، لذلك من الضروري حماية الثديين مباشرة بعد الرضاعة.
هل يمكن لهذا المرض أن يتطور ويصبح روماتيزم؟
لابد أن نفرق بين كل من مرض «رينو» ومنظومة «رينو»، فالصنف الأول أولي وهو الأكثر شيوعا ويصيب خمس مرات النساء، خاصة عند البلوغ، وكذا النساء المنفعلات والنحيفات الطويلات، ومن الممكن أن يختفي فجأة خلال فترة الحمل.
أما منظومة «رينو» الدالة على مرض جهازي، فتحدث في سن ما بعد الأربعين، وقد يسبق بعشرات السنين مثل تصلب الجلد «sclérodermie»، وليس له أية علاقة بمرض الروماتيزم. ولتشخيص المرض، يجب الاستعانة بالتحاليل المخبرية، والفحص السريري، وفحص الشرايين بالمجهر،»capillaroscopie».