هي ربى ابنة جنين المخلصة التي تحمل لونها وترتدي بسمتها وتتحلى ببهائها النادر.. هي المنشطة الإعلامية التي يتلعلع صوتها ويصنع الحياة من كلماتها.. هي صاحبة المؤلفات.. هي الساحرة بالكلمات.. الساحرة بالصوت والحضور القوي والاجتماعي والأدبي.. تضع فيها ربى كل حضورها الطاغي وثقافتها الواسعة ونشاطها وحيويته.. شدنا إليها سحرها الغريب وتواضعها الجم وأحببنا أن يعرفها القراء أكثر.. فكان هذا الحوار الذي فتحت خلاله ربى قلبها وأجابت بكل تواضع وصراحة عهدناهما فيها..
عبدالله عمر – فلسطين
من هي ربى عياش ؟ متى وكيف بدأت مسيرتك الكتابية؟
أنا فتاة طموحة حالمة منذ صغرها.. تكتب لأن لا وسيلة أخرى لديها لتعبر عن خيباتها أو أفراحها.. تقرأ لتبحر وتكتشف أسرار العالم.. تفعل الأشياء دائما بطرق مختلفة عمن حولها.. رسمت طريقها في الحياة منذ كانت في عمر الزهور سعت لتحقق ذاتها أهدافها.. لم تصل بعد لما تطمح إليه لكني أعتقد أنها في الطريق الصحيح و سأصل يوما ما.
بدأت في الكتابة في عمر 10 سنوات.. كتبت أول قصة قصيرة وعرضتها على معلمي اللغة العربية، أشاد بها و شجعني على الكتابة.. كنت طالبة مجتهدة دائما ومتفوقة.. شاركت في مسابقات للكتابة الإبداعية وحصلت على المراكز الأولى.. بدأت في عمر 15 النشر في مجلات محلية وكنت دائما ما أجد تشجيعا من عائلتي وأساتذتي ومعلماتي وحتى أصدقائي.
لمن تقرأ الكاتبة ربى عياش؟
أنا ابنة عائلة مثقفة وتحب القراءة.. أملك مكتبة تحوي على مختلف الكتب.. من شعر لأدب لفلسفة وثقافة.. لذا بدأت أقرأ منذ كان عمري 6 سنوات قصصا للأطفال وما زلت محتفظة بها لليوم “على فكرة”.. حيث كان يشجعني والداي دائما في كل مراحل حياتي على قراءة كتب تناسب عمري.. فأمتلك اليوم ثروة حقيقية تضاهي المكاتب العامة.. أقرأ للجميع مثل جبران خليل جبران، خليلي الروحي.. لغادة السمان.. نوال السعداوي.. روايات عالمية لتولستوي.. فيكتور هيجو.. وغيرهم الكثير..
عن ماذا تتكلم “مذكرات أنثى “؟
كتاب مذكرات أنثى ضائعة هي مجموعة من النصوص النثرية القصيرة في الفصحى.. يجمع نصوصا منتقاة مما كتبته على مدار 3 سنوات.. نصوصي تحاكي الأنا في كل إنسان.. تحاكي لحظات الضياع التي يمر بها كل إنسان.. الضياع في الوطن.. في الحب.. في الأحلام.. في الحياة بشكل عام. أعتقد أن تفاعل الناس مع نصوصي ينتج لأني أكتب مشاعر صادقة.. لحظات يمر بها كل إنسان. فالمشاعر الإنسانية واحدة باعتقادي مهما اختلفت التفاصيل والظروف والوجوه. أشعر أنهم يجدون أنفسهم في سطوري.. وهذا يسعدني.
من أين راودت ربى الأفكار حول أحداث المذكرات؟
كما قلت، هي مشاعر صادقة للحظات ومواقف تعرضت لها. أنا أكتب ليس من أجل تأليف كتاب أو أكسب شهرة وأضواء.. أكتب وأرسم لأعبر عن خيبة تستعمرني.. عن حزن يأكل قلبي.. أو فكرة تجول بخاطري.. أكتب لأني أعيش حين أكتب.. لأني لا أجيد التعبير في الحديث..
إلى أين تصبوا ربى للوصول مستقبلا ؟ ومتى سنرى كتابك القادم؟
حاليا لا أعلم.. أستمتع بولادة كتابي الأول، وأهتم بعملي كإعلامية.. أما عن مشاريعي القادمة، بدأت بكتابة رواية منذ عام لكنها لم تنته بعد.. ولا أعلم إن كانت ستنتهي.. كتابة الروايات متعبة وليست بشيء سهل.. أفكر أحيانا بمشروع لكتابة قصص للأطفال.. خاصة أني قريبة جدا من الأطفال وعالمهم، وأرى أن قصص اليوم غالبا خالية من تعليمهم للقيم والأخلاق الجيدة.. بل تعتمد على الألوان وإبهار الطفل بالقشور.
لاشك أنك تحتفظين في ذاكرتك بأول ما خطه قلمك.. كيف تتابعت خطواتك في ميدان الكتابة؟
للأسف لا أحتفظ بنسخة من قصتي القصيرة الأولى.. كتبتها وكان عمري 10 أعوام.. لكن أتذكر أول نص نثري مفتوح كتبته كان عمري 12 عاما.. ومازلت محتفظة به بالتأكيد.
كامرأة مثقفة، كيف تنظرين إلى الأوضاع المزرية التي يمر بها العالم العربي حاليا؟ ما هو السبب في نظرك وما هي مقومات النهضة والسير إلى الأمام؟
ما يحصل اليوم هو ما يحصل منذ بدء البشرية.. تنازع على السلطة والمال وتقسيم للمصالح لا أكثر بحجة العنصرية أو الطائفية أو محاربة الإرهاب وغيرها من الحجج والمبررات.. أما سبب ما يحصل اليوم فهو الثقافة والقيم المجتمعية.. لا يوجد قوة على هذه الأرض تستطيع تدمير مجتمع يتحلى بالأخلاق الإنسانية والقيم من احترام الإنسانية والحرية.. لا يمكن لأحد تدمير وتفكيك مجتمع أو دولة إن كان أهلها يتمتعون بوعي سياسي وثقافة عالية، لكن مشرقنا العربي للأسف يفتقد للقيم والأخلاق الإنسانية في احترام حياة الإنسانية وحرية الفكر والتملك والعقيدة وغيرها من الأمور. نحن شعوب للأسف يسهل تفكيكها وتدميرها لأننا متشبعين بالطائفية والتعصب وإنكار الآخر كما نفتقد للمثقفين وللقادة المفكرين.
الحديث عن الثقافة في بلادنا حديث ذو شجون هل تعتقدين أن الحركة الثقافية في بلادنا حقيقية وبناءة أم أنها جعجعة بلا طحين؟
نحن ما عدنا نمتلك حضارة ولا ثقافة في الماضي أو الحاضر. عقلاؤنا قتلناهم.. العقول المفكرة تهاجر للخارج.. فلا يوجد لدينا بيئة لاحترام الاختلاف واحترام حرية الفكر.. حكامنا ينفذون أجندات خارجية ضدنا، ولا مكان لمن يخالفهم الرأي.. الشارع يعاني من ظروف اقتصادية اجتماعية سياسية سيئة إضافة لافتقاده للوعي وبعد النظر سواء اجتماعيا أو سياسيا. أعتذر عن نظرتي التشاؤمية لكن هذا المشهد أصبح طاغ على مجتمعاتنا وهذا ما أدى بسوريا وليبيا ولبنان والعراق واليمن للجحيم.. هذا ما يجعل من فلسطين محتلة لليوم وتتلاشى يوما بعد يوم.
في أي حالة وجدانية تكون ربى عندما تبدع؟
للأسف أنا لا أكتب ولا أرسم عندما أكون سعيدة. أفشل دائما بخط حروف السعادة ولا أعلم لماذا. أتقن رسم وجوه حزينة. أبدع بالكتابة حين أتعرض لخيبة أو ضيق.
من تعتقدين أنه فجر موهبتك.. الأسرة.. أم المدرسة.. أم من؟
حبي لعالم الإبداع والفن من رسم وكتابة وحتى دخولي مجال الإعلام، بدأ منذ عمري 6 سنوات .. فمنذ ذلك الوقت لليوم لا أذكر أني أتقن فعل أي شيء سوى هذا حتى أصبح الإبداع في الكتابة أو الرسم أو الصحافة عالمي.
ما الذى أضافه لك نشاطك الصحفي الثقافي إبداعيا؟
الإعلام مختلف تماما عن الكتابة، فالأخبار أو حتى البرامج الخفيفة جامدة وبعيدة كل البعد عن الكتابة الإبداعية والخيال.. بل أعتقد أن حبي للكتابة هي من أضافت لي ميزة في عملي، حيث أطعم تقاريري ومقالاتي أحيانا بأسلوبي في الكتابة وكلماتي.
عملي في الإعلام كان له تأثير على شخصيتي زاد ثقتي في نفسي وعملي وقدرتي على الإبداع والإنتاج. أتاح لي فرصة الاقتراب من هموم الشارع والناس أكثر والتواصل مع المحيط أكثر.. فتح لي فرصة تكوين علاقات مع شخصيات كبيرة.. جعلني واقعية أكثر فأنا فتاة خيالية وحالمة، لكن عملي في الإعلام ودائما ما يعيدني للواقع وجعل مني إنسانة تستطيع التعامل مع مصاعب الحياة ومواجهة أي شيء بشكل سلس.
هل هناك إبداع نسائي؟ وما الذي بإمكان المرأة أن تضيفه إلى حقل الإبداع؟
لا أحب أن أكون عنصرية، هناك إبداع بشري إنساني، فالمرأة حالها حال الرجل ليست أقل ذكاء أو قدرة.. تستطيع أن تبدع في كل المجالات من الإعلام للفن وحتى في اختراع النووي والعالم مليء بالأمثلة يكفي أنها مربية أجيال.. ومن يقول إن المرأة ناقصة أعتقد أنه يعاني من تأخر فكري.
هل واجهت متاعب مع القلم؟
لا متاعب تذكر.. أحيانا أعاني من حالة برود في مشاعري، فلا أشعر بشيء لا فرح ولا حزن، عندها أعاني من ضجيج في رأسي وأعجز حينها أن أعبر أو أكتب.. أعتقد أنها حالة يمر بها كل إنسان.
ما هي أهم كلمات كتبتها وتعتبر ربى أنها أكثر من رائعة؟
كل كلماتي أحبها.. فكل نص كتبته أتذكر بالتفاصيل لماذا كتبته والحالة التي مررت بها.. لم أكتب يوما شيء وندمت عليه..
متى تهطل دمعة ربى عياش؟
دائما “هههه”.. وهذه صفة سلبية أعاني منها. لا أستطيع السيطرة على دموعي، أبكي على أي حدث يحزنني أو يضايقني.. قد يكون من نظرة أو كلمة أو ضغط في العمل أو الحياة.. أما في الفترة الأخيرة يتحول أحيانا حزني ودموعي لغضب وعصبية وهذا تغيير لا أحبه بنفسي.
متى ترتسم البسمة على شفاه ربى عياش؟
أنا شخص بسيط.. إن كانت عائلتي ومن أحبهم بخير وبحالة جيدة وإن كنت راضية عن نفسي في عملي وفي حياتي فأكون بخير وسعيدة.
ما رأيك بالمقولة والتي أنا شخصيا لا أعترف بها وهي “المرأة ضعيفة الإرادة”؟
المرأة للأسف تتعرض لقيود المجتمع التي لا أفهمها حتى اليوم، ضغوطات أكثر من الرجل في حياتها.. فرحلتها قد تكون أحيانا أصعب.. حتى إن كنت ابنة لعائلة منفتحة ومتفهمة، ستبقي مقيدة في كثير من الأحيان ، فتعاقب على صغائر الأمور وقرارها هي قرارات مصيرية ليس بيدها. أعتقد أنهم يهابون المرأة قوية الإرادة ذكية وجميلة لذلك يحتجزونها ويوهمونها أنها أقل ذكاء وقدرة عقلية وجسدية.
لكن دعني أتوقف وأقول لك أنها بكونها مربية أجيال تكون عدوة نفسها في مجتمعاتنا فتربي أبناءها على تفكير ذكوري بحث. ولا زلت لا أفهم سبب ذلك أيضا. المرأة إنسان طبيعي مثلها مثل الذكر، الاختلاف البيولوجي ليس عيبا. هذا يدعى اختلاف لاستمرار الحياة وتطورها. صدقني أن تكون امرأة حقا لشيء ممتع.
ما نوع الكتابة والرسالة التي توجهينها في مقالاتك للمجتمع بشكل عام وللمرأة بشكل خاص؟
دائما أكتب مقالات عن حال مجتمعاتنا إذا ما استفزني موقف أو حدث حول الحرية أو مواضيع حياتية ومشاكل تواجه العامة، لكن لقلما أنشرها بسبب حالة إحباط تعتريني من قبل مجتمعاتنا، فالغالبية لا تقرأ للأسف، ولا تسمع حتى وإن سمعوا سمعوا ليجيبوا وليس ليفهموا.. غالبا أحاول من خلال مقالاتي أن أقوم بإصلاح فكري من أجل توعية المجتمع للثقافة والفكر التنويري لعل شخصا على الأقل يقتنع.
كيف توفقين بين الكتابة ومشاغلك الأخرى، وهل هناك تعارض؟
أحيانا عملي والتزامات الحياة ومتطلباتها تأخذ من وقتي.. وتأخذني من عالمي في القراءة والكتابة، وهذا يزعجني.. لا أحب أن أتحول إلى واقعية أكثر من اللازم.