يتجدد الموعد مع كل ثامن مارس بالمغرب، وتتجدد معه الأسئلة عن الحقوق والمكتسبات والآفاق والتطلعات إلى غد أفضل تمتع فيه النساء بحقوقهن الكاملة في المساواة والظفر بالحياة في ظل الكرامة والحماية من العنف بكل أشكاله… وباستحضارنا لواقعنا نستخلص بكل موضوعية الهوة الحاصلة بين لغة القوانين وتصريفها وأجرأتها على أرض الواقع ما يجعلنا نتساءل ماهي الضمانات الكفيلة بتطبيق القوانين وجعلها ضمانة استرتيجية للتغيير وما القراءات السوسيولوجية الدقيقة للمرحلة التي نعيش؟ وكيف نتجاوز التناقضات المطروحة بين الواقع والمستقبل في ظل وجود العديد من الإكرهات التي تعيشها المغربيات والمجتمع المدني والجمعيات الحقوقية التي جعلت القضية النسائية في صلب اهتماماتها؟ وماهي مجمل الاقتراحات المطروحة من لدنها لتجاوز الحيف والتمييز وتغيير أوضاع النساء نحو الأحسن؟
نتقاسم هذه التساؤلات مع كل النساء وحتى الرجال الغيورين على تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وفي كل مرحلة تاريخية نعيشها بالمغرب، يظل الأمل مشرعا على المستقبل رغم حجم التحديات المطروحة، ورغم التسلح بالأمل يظل واقع النساء يتجاوزنا،هذا لأن لغة وإشارات الواقع تتجاوز الحلم بل من الممكن أي يصير هذا الحلم أحيانا مثقلا بالكوابيس والتصدعات والأمراض واليأس وتجرع المرارة، فالجمعيات النسائية والحقوقية، بحكم منطق القرب والممارسة الميدانية اليومية تظل الأكثر تعبيرا عن هذا الواقع المرير الذي تعيشه وتعانيه المغربيات من مختلف الأعمار بسبب العنف والتحرش الجنسي والإقصاء الممنهج لقدرات النساء في كل المجالات العملية والاستراتيجية…
لن أطيل في السرد أيها القراء والقارئات، سأتترككم وأترككن لامتطاء هذه الجراح التي تنوء النساء المغربيات بحملها… في هذا الصدد يشير بلاغ لجمعية لتحدي للمساواة والمواطنة إلى أن بلدنا ما يزال رهين مسار متناقض يتضمن بعض الإنجازات النسبية التي يطبعها التردد والافتقار الى الطموح في ظل سياق وطني ماساوي تعاني فيه النساء من جميع مظاهر الظلم وهو ما يتطلب في نظر الجمعية إجراءات وقرارات أكثر شجاعة، رغم إصدار القانون (13/103 ) المتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء، وتأسيس هيئة لتحقيق المساواة والقضاء على أشكال التمييز (القانون رقم 14/79) الذي ظل مطلبا وطنيا للحركة النسائية…فهذه النصوص القانونية في نظر جمعية التحدي، ما تزال معوقة وضعيفة ولا ترتقي لمصاف المعايير الدولية، وتكاد تخلو من اعمال آليات سليمة لتطبيقها…ليس هذا إلا صوت جمعية التحدي، وليس الوحيد بل تتقاسمه معها كل الجمعيات والشبكات الجمعوية والحقوقية، ومايزال النضال مكثفا ضد زواج القاصرات، وتعدد الزوجات، والتحرش الجنسي في أماكن العمل، والتمييز في وصول النساء إلى مراكز القرار، فضلا عن تفشي الفقر والهشاشة في صفوف النساء، واستمرار تداول ونشر القيم المعادية لحقوق الإنسان الأساسية للنساء بسبب العقليات والممارسات والصور النمطية، التي يفرزها المتخيل الاجتماعي في الاماكن العامة ومراكز التنشئة الاجتماعية كما في المدرسة…أمامنا الكثير من التحديات لكن لا حياة بدون وجود الأمل والقوة والمثابرة والتحدي …كل عام والنساء المغربيات المناضلات بخير، وماضاع حق وراءه طالب.
مليكة واليالي