انتبه الطعام يهددك!
إذا وجدت يوما ما صعوبة في هضم بعض الأطعمة بين الحين والآخر، وعانيت من أوجاع في البطن، ولاحظت ظهور بثور في وجهك دون سبب واضح… فأنت تعاني حتما من حساسية تجاه بعض الأطعمة، وتعد هذه المشكلة، تماما مثل الحساسية العادية، أكثر شيوعا هذه الأيام، ولكن ليس لها علاقة أبدا بجهاز المناعة كما يظن البعض.
التخمة الدائمة… قد تكون حساسية غذائية
الإحساس المفرط بالتخمة، هو في الواقع عدم قدرة الجسم على هضم الطعام بجرعات مقبولة عموما. والسبب في ذلك عدم وجود الأنزيمات الضرورية لتفكيك هذا الطعام، كماهي الحال بالنسبة لعدم القدرة على تحمل اللاكتوز ونقله في الجسم، كما هي الحال في عدم القدرة على تحمل “الفروكتوز“، ويتم الحديث في هذه الحالة عن سوء امتصاص. لكن في بعض الأحيان تعزى المشكلة إلى حساسية متزايدة تجاه الطعام نفسه، أي إلى أحد عناصره مثل بروتينات بيض الدجاج، والتيرامين، والهيستامين، أو إلى مادة كيميائية مضافة مثل الأصباغ الملونة، والغلوتامات والسوربيتول والكبريتيد.
حساسية الأطعمة.. تجلياتها متعددة ومزعجة
بصورة عامة، تتجلى عدم القدرة على تحمل الطعام عبر مشاكل هضمية، مثل انتفاخ في البطن، أو أوجاع فقط، أو أوجاع وتشنجات في البطن والأمعاء، أو غثيان، أو تقيؤ أو إسهال. ويمكن أن تتجلى أيضا عبر تفاعلات في البشرة، مثل حكة أو جفاف في البشرة، أو حتى حب شباب أو اكزيما أو طفح جلدي مع بثور تثير الحكة، كما تترافق الحساسية تجاه الأطعمة أحيانا مع مشاكل عصبية، مثل أوجاع الرأس وصداع الشقيقة migraine أو مشاكل في الأنف والأذن والحنجرة مثل السعال، واحتقان الأنف، والالتهاب المتكرر في الأذنين، وجفاف العينين، والتهاب الجيوب الأنفية… وعلى المدى الطويل، تؤدي الحساسية تجاه الأطعمة إلى إحساس دائم بالتعب والانزعاج مع خسارة للوزن. والمؤسف أن كل هذه الأعراض تختلط مع أعراض أخرى، لذلك لا يجري غالبا تشخيص مشكلة الحساسية تجاه الأطعمة.
صعوبة في التشخيص
تظهر حساسية الأطعمة بعد ساعات قليلة من تناول الطعام، أو بعد مرور عدة أيام، ما يزيد من صعوبة تشخيص المشكلة ومعرفة نوع الطعام أو المادة المسبب للحساسية. وعلى عكس الحساسية العادية، لا تظهر الحساسية تجاه الأطعمة بشكل منتظم في كل مرة يتم فيها استهلاك الطعام المسبب للحساسية، إذ هناك بعض الحساسيات العرضية تجاه الأطعمة، التي تنجم عن تحسس مؤقت للأمعاء، وهذا ما يحصل أحيانا مع مادة اللاكتوز في حالة التهاب المعدة والأمعاء.
وباختصار، يمكن أن يعاني الشخص طوال سنوات عدة من الحساسية تجاه بعض الأطعمة دون أن يعرف حقيقة مشكلته، وهنا تبرز أهمية زيارة الطبيب والخضوع لتحاليل دم في حال المعاناة من مشاكل هضمية مستمرة غير مبررة.
حساسية “الغلوتن“ أخطر الحساسيات
المضاعفات الناجمة عن الحساسية تجاه الأطعمة تكون في أغلب الأحيان حميدة، إلا في حالة داء السيلياك، ففي حال عدم إتباع حمية غذائية صحيحة وتلقي العلاج المناسب، يمكن لهذا النوع الحاد من الحساسية تجاه مادة “الغلوتن“ أن يسلب الكثافة المعدنية من العظام، ويسبب أمراضا في المناعة الذاتية مع التهاب في الغدة الدرقية أو البنكرياس ما يهدد حياة المريض.
استشارة الطبيب ضرورية
من الأفضل استشارة الطبيب بسرعة، فما يعتبره البعض أنه مجرد عدم قدرة بسيطة على تحمل الطعام، قد يكون في الواقع علامة على مشكلة أخرى. فقد يظن الناس أن العديد من مشاكل المعدة والأمعاء، مثل تحسس القولون أو الأمراض الالتهابية في المعي، هي مجرد حساسية تجاه الطعام، من دون الحديث عن الحساسيات الغذائية الأكثر خطورة. وإذا اعتبروا أن المشكلة هي حساسية تجاه أطعمة معينة، من دون التأكد فعلا من حقيقة المشكلة، وباشروا في الامتناع عن تناول أطعمة معينة، فإنهم بذلك يحرمون جسمهم من أطعمة ومواد مغذية، دون أي مبرر ويتسببون بالتالي في نقص غذائي لجسمهم يهدد صحتهم في ما بعد.