بدايتك الفنية كانت عن طريق الإخراج وتحديدا حينما كنت تتابعين دراستك الجامعية. حدثينا عن هذه التجربة خاصة وأنها كانت في سن مبكر؟ وكيف قررت فجأة تغيير مسارك نحو التمثيل؟
صحيح بدأت مسيرتي الفنية في مجال الإخراج عندما كنت في الجامعة وتحديداً في القسم الثاني من السنة الأولى، وكان أول فيديو كليب من إخراجي لشقيقتي، وبعدها بدأت مع مديرية التوجيه للجيش اللبناني التي كانت بمثابة التحدي بالنسبة لي، فقد كنت بعد كل عمل أطمح للمزيد من النجاح. هذه التجربة أعطتني الثقة بالنفس والدافع العملي للمزيد من العطاء والإتقان والمثابرة. وكوني قد تعلمت في الجامعة بالتوازي مع الإخراج التمثيل أيضا، لهذا لم يكن دخولي عالم التمثيل أمرا فجائيا وإنما مرد ذلك كوني لازلت في الجامعة، لذا لم أشأ أن أشتت أفكاري وتركيزي. وعندما انتهيت من الجامعة أصبح تركيزي في مجال الإخراج والتمثيل على حد سواء.
انطلقت في مجال التمثيل بخطى ثابتة حيث لعبت أدوار ثانوية وأخرى أساسية في الدراما السورية. ترى ما هي الصعوبات التي واجهتك؟. وما هي نقطة التحول التي أثبتت حضورك الوازن في الدراما السورية؟
الصعوبات التي واجهتني كثيرة خاصة أنني ذهبت إلى سوريا ولم أكن أعرف أي شخص ولا أي أحد في الوسط الفني، وهذا ما جعلني أعمل كثيرا على خلق علاقات كثيرة وكبيرة على مستوى عال جداً في الوسط الفني سواء من خلال شركات الإنتاج الخاصة أو الرسمية، وأيضاً مع المخرجين والممثلين ومدراء الإنتاج…ولم أكتفي بكل هؤلاء بل وسعت دائرة علاقاتي إلى الصحافة المرئية والمكتوبة. وطبعاً كل هذا أخذ جهد وتعب نفسي وأشهر. والآن كلهم أصدقائي. وعملت الحمد لله في أهم الأعمال السورية التي كان معظمها باللهجة السورية. ولكن لا أستطيع القول أن عمل واحد أو شخصية واحدة هي التي كانت نقطة التحول لإثبات حضوري في الدراما السورية، لأن مجموعة الأعمال التي شاركت بها كانت بمثابة نقطة التحول في مسيرتي المهنية وليس فقط في الدراما السورية، لأن وجودي في سوريا في تلك الفترة والتي كانت فترة الحرب الدامية على سوريا الحبيبة للعمل في الدراما السورية التي أعتبرها أم الدراما، كان تحدي كبير جداً ونقلة نوعية لي على الصعيد الفني.
شاركت في الدراما اللبنانية والسورية وأيضا الخليجية. ما هي أوجه الاختلاف والتقارب بين كل واحدة على حدة؟ وأين تجدين نفسك أكثر؟
نعم شاركت في الدراما اللبنانية والسورية والخليجية…ولكن الخليجية لم تكن خليجية بحتة ولكن عربية مشتركة من إنتاج خليجي…أما بالنسبة لأوجه الاختلاف فهي كثيرة فلا يجب أن ننسى أن كل بيئة وكل شركة وأيضاً كل مخرج تختلف طريقته ورؤيته وأسلوبه عن الآخر، وأوجه الشبه بينهم هي حرفيتهم واحترامهم للمهنة وللفنان. أما بالنسبة لأين أجد نفسي أكثر: فهذا شيء لا أستطيع أن أحدده لأنني بطبيعتي أحب التحدي وأحب مهنتي، لذا فأنا أجد نفسي دائماً في أي عمل يروق لي وأي شخصية تناسبني والأهم من كل هذا أن يكون فريق العمل محترف ويحترم المهنة والفنان على حد سواء . وأيضاً كوني أحب اللهجات واللغات المختلفة أتمنى أن أعمل دائماً في أعمال مختلفة عن مجتمعي وبيئتي، لأن هذا يساعدني على العمل بجهد أكبر لأطور إمكانياتي التمثيلية.
للدراما اللبنانية جميع مقومات النجاح من ممثلين ومخرجين وإمكانيات إنتاجية وتقنية جيدة…إلا أن حضورها العربي يظل محتشما. برأيك أين يكمن الخلل تحديدا؟
كل ما تقوليه عن الدراما اللبنانية صحيح. لكن للأسف أعتقد أن الخلل يكمن في عدم الابتكار في صياغة النصوص…لأن أساس كل مسلسل هو النص وحبكته وهذا الذي ينقصنا في الدراما اللبنانية، نحن نفتقر إلى الكتاب اللذين يبدعون بأفكارهم وخيالهم. ودائماً النسخة عن الغرب أو أي بلد آخر يضع حد لإبداع كل فريق العمل وخصوصا المخرج والممثل.
تعرف الأعمال الفنية المغربية سواء التلفزية أو السينمائية تطورا ملحوظا لكنها هي الأخرى تعاني الإقصاء في حضورها أمام الجمهور العربي. هل في نظرك صعوبة اللهجة المغربية هي السبب الوحيد في ذلك أم أن هناك أسباب أخرى؟
سوف أقسم هذا السؤال إلى شقين، الأول عن الدراما المغربية والثاني عن السينما المغربية. كوني فنانة وأحب أن أبقى على إطلاع على جميع الأعمال فأقرأ كثيراً عن الفن في معظم الدول، فأعتقد أن السينما المغربية كانت محظوظة أكثر من الدراما المغربية، فالسينما المغربية كانت متواجدة دائماً في المهرجانات العربية والعالمية وحصدت العديد من الجوائز، وهذا يثبت وجود الفن المغربي الراقي وحرفيته. أما فيما يتعلق في الشق الثاني من السؤال عن الدراما المغربية برأيي هي مظلومة جداً لسببين، الأول هو اللهجة ولكن السبب الأهم هو عدم وجود قنوات تساعد على الانتشار. فهذه هي المشكلة وهذا هو السبب لغياب الدراما المغربية عربياً، ولكن وجود قناة ك mbc5 بدأت تساعد قليلاً الدراما المغربية على الانتشار وبدأت عبر مسلسل «شهادة ميلاد» الذي أثبت وجود الدراما المغربية على الساحة الفنية. وهذا يثبت وجهة نظري في أن الدراما المغربية بحاجة إلى وجود قنوات تساعدها.
كان لك حضور متميز في عدة أعمال عربية مشتركة. كيف تصفين مشاركتك فيها خاصة وأنها تجمع بين ممثلين من جنسيات مختلفة؟. وما رأيك في جودة هذه النوعية من الأعمال؟
طبعا الأعمال العربية المشتركة لها بصمتها الخاصة، وبالنسبة لي على الصعيد الشخصي فهي ساعدتني بكثير من الأمور وطورت علاقاتي. والأهم أنني تعلمت من النجوم الكبار المشاركين بهذه الأعمال الذين كانوا من جنسيات مختلفة كما ذكرت، وخبرتهم كانت تفوق خبرتي لأنني بطبيعتي دائماً أسعى لأتعلم من كل شخص ألتقي به على الصعيد المهني والشخصي. بالإضافة إلى انتشار الفنان أكثر وتوسيع دائرة جمهوره. وطبعا هذه الأعمال تتميز بجودة عالية كونها تجمع نجوم من كافة الجنسيات وانتشارها يكون أكبر.
جسدت أدوارا عديدة في السينما والتلفزيون. أي منهما تشكل نافذتك المفضلة لتطلي منها على جمهورك؟ وما هي الأدوار التي أديتها وكنت تشعرين معها بأكبر قدر من الراحة؟
السينما والدراما هي نافذة الفنان للجمهور، ولكل واحدة ميزتها ولكل واحدة جمهورها لذا لا أستطيع أن أختار بينهما. طبعاً أحب وأتمنى أن أصل لكل الناس وتصل رسائلي الفنية لكل الجمهور ولكن لنكن واقعيين، الدراما أسرع وأقرب للناس كون التلفاز متوفر في كل بيت. أما بالنسبة إلى الأدوار التي أديتها كانت معظمها مركبة وصعبة جداً، وهذا النوع من الأدوار هو الأحب إلى قلبي كونه يعتبر دائماً تحدي للذات ويثبت جدارة الممثل وبراعته في إتقان الشخصية التي يؤديها.
أثرت أزمة كورونا على العالم بأسره وشكلت حصارا رهيبا على كل المجالات ولم تسلم منها الصناعة الفنية بجميع مستوياتها. كيف واجهتي هذه الأزمة سواء على المستوى النفسي أو العملي؟
للأسف هذا الوباء لم يسلم منه أي بلد في العالم وأثر على جميع القطاعات العملية وطبعا من ضمنهم الوسط الفني، أما بالنسبة لي فكنت كسائر كل الفنانين على الصعيد العملي إذ توقفنا عن التصوير وتأجلت مشاريع كثيرة بسبب هذه الجائحة. وعلى الصعيد النفسي طبعاً كانت ولازالت مرحلة صعبة جداً ومقلقة، ولكنني وبطبعي إنسانة أحب الإيجابية وأسعى لأرى النصف الممتلئ من الكوب فأحاول الاستفادة من وجودي في المنزل للتخطيط لمشاريع قادمة جديدة. وهنا أود أن أنتهز الفرصة وأعزي عوائل كل الذين فقدناهم جراء هذا الوباء من فنانين ورياضيين ومواطنين.
قبل أن أختم هذا الحوار الشيق معك أود ألا تفوتني فرصة سؤالك عن مشاريعك الفنية المستقبلية؟
مشاريعي الفنية المستقبلية هي مسلسل جديد من إخراجي وبطولتي مع الممثل والمنتج فؤادي متري، والنص من كتابة نعيم حمصي وإنتاج «kingo production- فؤادي متري»، ولا أستطيع أن أتكلم أكثر عن العمل حفاظاً على خصوصيته كونه جديد وفكرته جديدة أيضاً. أما على منحى آخر لازلت أصور مسلسل رصيف الغرباء الذي يعرض على الشاشة الآن وسوف أبدأ قريباً بتصوير مسلسل «الزمن الضائع» بشخصية جديدة.
في نهاية هذا الحوار كلمة أخيرة لك تودين أن توجيهيها لجمهورك في المغرب وفي الوطن العربي؟
أولا أريد أن أشكرك على هذا الحوار الجميل جدا وأشكرك على حرفيتك بانتقاء الأسئلة العميقة، وأود أن أشكر مجلة «أسرة مغربية» على استضفاتي في سطور صفحاتها. ولجمهوري في المغرب أقول له شكرا على المتابعة وأرسل لكم كل الحب. وإن شاء الله سأزور المغرب الحبيب بعد هذه الجائحة لتتسنى لي فرصة التعرف على الشعب المغربي عن قرب وعلى المدن المغربية العريقة. كما أتمنى يوماً ما أن يكون لي شرف المشاركة في أحد الأعمال المغربية.
حاورتها: حسناء فرجاني